«واحد.. .. باقي لي واحد وماشي»، هذه الجملة تكاد تكون الوحيدة التي تتردد على مسامعك عند الذهاب لمواقف سيارات النقل الخصوصية «الكدادين» فبمجرد اقترابك منهم ينطلق نحوك سائقو تلك السيارات ليقنعوك بأنك الراكب الأخير قبل انطلاق الرحلة! الجري خلف لقمة العيش، فكما يقول المثل الشعبي «لن يقضي الحاجات الا الدينار أو الدرهم» بهذه الكلمات بدأ الشاب عابد معيبد الرشيدي ذو ال22 ربيعًا حديثه معنا، يقول إنه يجني رزقه بهذه الطريقة عند وجود وقت فراغ لديه، فبعد أن تخرّج في المرحلة الثانوية وجد نفسه عائلا لأسرته بعد أن تقاعد والده وتقدّم به العمر، واستطرد الرشيدي حديثه: بالرغم من عدم اقتناعي بهذه المهنة فإنه لدي أمل بأن أجد وظيفة تستقر بها حياتي من السفر والترحال. يقول الرشيدي: أبدأ «الرحلة» بالبحث عن الركاب في المواقع المحاذية للنقل الجماعي والمتعارف عليها لدى الركاب، وبعد قدوم الراكب ومعرفة وجهته يتم إبلاغه بالتسعيرة وإقناعه بالركوب والانتظار حتى تكتمل حمولة السيارة. يجب المكوث مع الزبون بعض الوقت في السيارة، حتى لا تأتي سيارة أخرى جاهزة للانطلاق ويذهب معها الزبون، والأفضل أن تأخذ المبلغ وتحمل أمتعة المسافر في شنطة السيارة، وهكذا قد تزيد فرصة أن يوافق المسافر على الانتظار معك! ويذكر الشمري أن بعض الركاب يبدأ تصوير نفسه عبر الهاتف الناقل، عند موقف «الكدادين»، ويضع أسماء بعض الكدادين بصفحته في أحد برامج التواصل الاجتماعي، ويدوّن فيها أفضلهم وأكثرهم حكايات وخفة دم، كتسويق جديد في عالم الكدادين. وفي بعض الأيام وأكثرها أنتظر ساعات طويلة من 3 إلى 5 ساعات على رصيف الرزق لجلب الركاب ولكن دون جدوى، وأكتشف أن مكتوب الرزق ليومي هذا لغيري.. وأحمد الله وأكمل ليوم جديد مع رزقه. هناك تسعيرة متعارف عليها بين الكدادين، ولكن المشكلة تكمن في أن بعضهم يتفق مع الزبون بسعر أقل لجذبه خصوصًا السيارات التي تريد راكبًا أو اثنين لتغطية تكاليف الرحلة ولا تعتبر «الكدادة» مهنة بالنسبة لهم. يؤكد عبدالله أن التطبيقات الجديدة التي تخص النقل الداخلي للركاب أثرت على سائقي الأجرة سواء الخصوصي أو التاكسي الرسمي.. ولكن بنفس الوقت أفادت البعض من الشباب في دخل ثان غير عملنا الشاق في الطرق الطويلة. خبرة الكدادين تعلّم منها عبدالله.. خاصة الذين لهم سابق خبرة تتجاوز العقدين من الزمن، تجعلهم «خبراء كشف العيون»، للركاب الذين يأتون للموقف الشهير للمرة الأولى، فتبدأ هنا عمليات الاستقطاب لهم عبر خاصية «خفة الدم»، وباستخدام عبارات دلالية تحمل جانبًا مهمًّا في الدفع ببعض الركاب إلى اختيار هذا دون ذاك، ك«ما راح أخليك تمل الطريق معي».