كشف محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، د. غسان بن أحمد السليمان، عن توجه للعمل بجدية لحل معضلة التمويل لدى تلك المنشآت من خلال ثلاثة مسارات تشمل: التمويل الحكومي عبر الصناديق المختلفة، ودعم التمويل البنكي، واستحداث آليات جديدة سيتم الكشف عنها بعد اقرار الخطة الاستراتيجية لتطوير المنشآت والمرفوعة للمقام السامي، والتي من المتوقع أن ترى النور قبل نهاية العام الهجري الجاري. وقال د. السليمان في حواره مع «اليوم»: إنهم لا ينظرون لموضوع التمويل بالنظرة التقليدية السابقة التي تعتمد على الاقتراض البنكي فليست وحدها من يحل هذه المشكلة، بل من خلال نظرة شمولية تطرح عدة خيارات أمام المنشآت المحتاجة مشاريعها وتوسعاتها. ■ رغم حداثة إنشاء الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.. مبدئياً كيف تقيمون وضع هذا القطاع الهام وما هو مستقبله؟ أولاً دعني أبين أن الهيئة فعلاً ما زالت في بداية مشوارها، ولكن هذا لا يعفينا من البدء سريعاً للنهوض بهذا القطاع الحيوي، واستطعنا بالرغم من حداثة الهيئة تقديم مبادرات للقطاع وهناك برامج بعضها طبق والآخر في طريقه للتطبيق، حيث قمنا بتأسيس جمعية العلامات التجارية (فرنشايز) والتي وزعت المسودة الأولى، وكذلك نظام الإفلاس إضافة لتأسيس جمعية رأس المال الجريء، كما قمنا بعمل تحليل مالي كامل لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة للعامين 2014 و2015 بحسب توفر السجلات المالية، وانتهينا للتو منه، حيث بين هذا التحليل أن نسبة نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة أعلى من نسبة النمو في الشركات الكبيرة، وكذلك اتضح لنا من خلال النتائج أن نسبة النمو في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة أعلى من معدلات النمو في الاقتصاد السعودي ككل. وعلى صعيد تكيف هذا القطاع مع المتغيرات الاقتصادية، بين التحليل المالي ان المنشآت الصغيرة والمتوسطة عندها قدرة بسرعة اكبر من الشركات الكبيرة للتأقلم مع الوضع الاقتصادي حتى في حالة الركود أو الانكماش الاقتصادي، وبالتالي نحن مقبلون على فترة تحول كبيرة ستستطيع الشركات الصغيرة والمتوسطة التأقلم مع هذا التحول الايجابي. أما بخصوص رؤيتنا المستقبلية، فنتوقع أن يستمر هذا النمو خلال المرحلة المقبلة، وهذا الأمر يعتبر طبيعيا ليس فقط في المملكة، بل في كل دول العالم، كما نتوقع أن يرتفع عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المستقبل القريب والبعيد، خصوصاً بعد البدء الفعلي لعمل هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي عملت على مبادرات ستسهم بلا شك في تسريع وتيرة النمو في هذا القطاع. ■ هل تستطيع توضيح أكثر القطاعات التي تجذب المنشآت الصغيرة والمتوسطة؟ أكثر قطاع تكثر فيه المنشآت الصغيرة والمتوسطة من ناحية العدد هو قطاع التجزئة والقطاع التجاري وقطاع المقاولات، أما القطاع الصناعي فمن ناحية عدد المنشآت في هذا القطاع فهي الاقل. ■ لماذا تقل في القطاع الصناعي بالرغم من أهميته؟ القطاع الصناعي مهم بلا شك، فنحن ننظر لهذا القطاع نظرة خاصة ونوليه العناية اللازمة، فرؤية المملكة 2030 تركز على هذا القطاع، ونحن بدورنا لدينا تركيز كبير لزيادة معدلات نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة في القطاع الصناعي، وسنعمل على تطوير هذا القطاع، فهدفنا أن نجعله قطاعا نشطا ليس فقط محلياً، بل وحتى يصبح منافسا عالمياً في سوق الصادرات، وهذا هو الاهم في تعزيز مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. ■ في المنطقة الشرقية بالتحديد وبحكم أنها مصنفة كمنطقة صناعية، كيف ترى نسبة النمو في المنشآت الصغيرة والمتوسطة في القطاع الصناعي؟ صحيح انها منطقة صناعية، ولكن نسبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في المنطقة الشرقية مقارنة بعدد السكان قليلة، وتعتبر نقطة ضعف في المنطقة الشرقية، والسبب يعود الى وجود الشركات الكبيرة فيها، مثل شركة أرامكو وشركة سابك وشركة معادن، فهي تجذب الشباب الى الاعتماد على الوظيفة بدلاً من التفكير في فتح مشروع تجاري بسبب الدخل الجيد من الوظيفة في هذه الشركات، وهذا نوعا ما لا يساعد في نمو قطاع ريادة الأعمال. أما نقاط القوة في الشرقية فهي أيضاً بسبب وجود هذه الشركات البترولية الكبيرة فمن خلالها نستطيع أن نحدث نقلة نوعية كبيرة في قطاع ريادة الاعمال وخصوصاً في الفرص التجارية المرتبطة بالقطاع الصناعي. ■ هل تتفق بأن المنشآت الصغيرة والمتوسطة محرك مهم للاقتصاد في المناطق الأقل نمواً، وكيف تتعاملون مع هذا الملف؟ بكل تأكيد أتفق على أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المناطق الاقل نمواً بالمملكة، ولدينا مشكلة في أن كل الشركات الكبيرة وحتى الجزء الأكبر من الصغيرة والمتوسطة فقط في المدن الرئيسية أو المدن التي يطلق عليها النامية، وهي منطقة الرياض والمنطقة الشرقية والمنطقة الغربية ومنطقة المدينةالمنورة، وفي هذا الملف قمنا من خلال التنسيق مع امارات المناطق بتأسيس لجنة في بعض المناطق سنعممها على كافة مدن المملكة، حيث ستكون هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة مع القطاعات الحكومية الأخرى في تلك المناطق معنية بوضع الخطط والتعريف بالمجالات والفرص المتاحة في هذه المناطق وتحفيز المؤسسات التجارية للدخول فيها، سننظر لكل منطقة بشكل مستقل ما هي أبرز المجالات التي تتميز بها المنطقة ونسهل قيام وتأسيس منشآت صغيرة ومتوسطة فيها، وعلى هذا الصعيد قمنا بمبادرة مع امارة منطقة القصيم وامارة منطقة عسير لإنشاء لجنة تعمل على خدمة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في هذه المدن وكذلك امارة الرياض سنبدأ معهم أيضاً. الاقتصاد لدينا وفي كل دول العالم يقوم على المنشآت الصغيرة والمتوسطة فمتى ما دعمنا هذه الكيانات وهذا القطاع فإن الفائدة ستكون على مستوى الاقتصاد ككل. ■ على صعيد الصعوبات، ما أبرز التحديات التي تعاني منها المنشآت الصغيرة والمتوسطة؟ بشكل عام التحديات التي تواجه هذه المنشآت هي نفسها التي تواجه بقية الكيانات التجارية الكبيرة حتى تلك الشركات المساهمة الضخمة، فمثلاً لدينا بعض الاجراءات الحكومية التي ما زالت تعاني من البيروقراطية، ولكن تبقى مشكلة التمويل هي الأبرز، هذه القضية هي الشغل الشاغل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وهي ايضاً مشكلة تعاني منها بعض الشركات الكبيرة، وبالتحديد لدينا مشكلة في المملكة فيما يعرف بالتمويل الرأس مالي فهو ضعيف جداً. نحن في الهيئة ننظر لهذا الامر بنظرة شمولية، القروض البنكية ليست وحدها من يحل هذه المشكلة، نحن نتعامل من جوانب عديدة لنصل لحل متعدد الخيارات من خلال خطة نعمل عليها الآن ستسهم بإذن الله في تسهيل قضية التمويل للمنشآت بعد اقرارها من الجهات المشرعة، وبعدها سنبدأ في وضع آلية التنفيذ المناسبة. ■ هل لديكم إحصائية مؤكدة لعدد الشركات والمؤسسات التي تصنف كصغيرة ومتوسطة؟ عدد الشركات والمؤسسات التي تندرج تحت مسمى صغيرة ومتوسطة بلغ نحو المليون منشأة، تشكل هذه المنشآت ما نسبته 99.7 % من إجمالي القطاع الخاص بالمملكة، وهذا يعطينا مؤشرا على أن السواد الاعظم من القطاع الخاص هو منشآت صغيرة ومتوسطة. عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في ارتفاع مستمر أكد د. غسان السليمان أن التوقعات المستقبلية لهذا القطاع تقول إنه سيستمر في النمو خلال المرحلة المقبلة، وهذا الأمر يعتبر طبيعيا ليس فقط في المملكة، بل في كل دول العالم. وأضاف السليمان: نتوقع كذلك أن يرتفع عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المستقبل القريب والبعيد خصوصاً بعد البدء الفعلي لعمل هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والتي عملت على مبادرات ستسهم بلا شك في تسريع وتيرة النمو في هذا القطاع، مشيرا الى أن هناك فئة من هذا القطاع تشكل 1% تقريباً، يطلق عليها المنشآت الصغيرة والمتوسطة سريعة النمو وهي أكثر المنشآت فائدة ومنفعة للناتج المحلي الإجمالي بفضل مواكبتها لمتطلبات التقنية والابتكار المتجدد، هذه الفئة سيتم العمل عليها لتحويلها الى شركات كبيرة من خلال برنامج سنطلقه بعد أقل من شهر من الآن. د. غسان السليمان يعد محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة من الكفاءات الوطنية التي تمرست في رئاسة عدد من مجالس إدارات الشركات في القطاع الخاص من أبرزها شركة غسان السليمان لتجارة المفروشات (ايكيا) وشركة صافولا للأغذية وشركة فنشر كابيتال بنك البحرين وشركة تطوير وسط المدن وشركة راما للتنمية، ورئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة، ورئيس مجلس الأعمال السعودي الماليزي والسعودي التركي. حصل على شهادة الدكتوراة في الإدارة الاستراتيجية من المملكة المتحدة والماجستير في إدارة الأعمال من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعمل كمحاضر في جامعة ماسترخت برنامج الماجستير في إدارة الأعمال. السليمان خلال حواره مع اليوم (تصوير: عمر الشمري)