اعتبر محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الدكتور غسان السليمان أن اعتماد المجتمع السعودي لعقود عدة على الحكومة بسبب وفورات الطفرات النفطية، أسهم في اضمحلال ثقافة ريادة الأعمال وتحجيم نشاطاتها المتنوعة، مبيناً أن التحديات الاقتصادية الحالية ستصنع لنا الفرصة من جديد لاستعادة تلك الثقافة وإنتاج أجيال جديدة من الرياديين والمبادرين أسوة بسيرة آبائنا وأجدادنا العصاميين، كاشفاً أن وزارة التجارة تقوم حالياً بمراجعة 35 نظاماً. وأوضح السليمان في اللقاء المفتوح الذي نظمته غرفة الأحساء أول من أمس، لتسليط الضوء على التوجهات والخطط المستقبلية للهيئة في ظل «رؤية 2030»، أن الهيئة ستعمل على تنظيم وتفعيل هذا القطاع بحيث يتم رفع نسبة إسهامه في الناتج المحلي من 20 في المئة إلى 35 في المئة، مشيراً إلى أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشكل حالياً أكثر من 99 في المئة من عدد المنشآت المنتسبة بالغرف التجارية الصناعية في المملكة. وقال إنه على رغم تأخر الاهتمام بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة قياساً بغيرها من دول العالم المتقدمة، إلا أن توجه الدولة الجديد في ظل برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030، الهادف إلى تنويع مصادر الدخل، يؤكد الحرص والجدية وبذل الاهتمام والعناية بالدور الكبير المنتظر لهذا القطاع في دعم الاقتصاد الوطني، ودفع عجلة التنمية، وتنويع مصادر الدخل، وتوسيع القاعدة الإنتاجية وزيادة الصادرات، وخلق فرص عمل جديدة للشباب السعودي، وفتح أسواق عمل جديدة. وأشار إلى أن باكورة أعمال الهيئة تمثل في إقرار مجلس إدارتها لتعريف رسمي موحد لمصطلح تلك المنشآت، مبيناً أن التعريف الجديد المعتمد وصف تلك المنشآت المتناهية الصغر بتلك التي تضم عمالة من واحد إلى خمسة، أو بمبيعات لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أما المنشآت الصغيرة فهي التي تضم عمالة من ستة إلى 49 أو مبيعات أكثر من ثلاثة ملايين وأقل من 50 مليوناً، أما المنشآت المتوسطة فهي التي تضم عمالة من 50 إلى 249 أو مبيعات من 50 مليون وأقل من 200 مليون. وأضاف السليمان أن وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي رئيس مجلس إدارة الهيئة كلفه بمتابعة عدد من الملفات ذات العلاقة بالقطاع، من بينها تفعيل دور وإسهام القطاع التجاري من الناتج المحلي، وتفعيل دور الغرف التجارية، وتوسيع مراكز الخدمة الموحدة وتنظيم وتفعيل التجارة الإلكترونية. ولفت إلى أن الوزارة تعكف حالياً على مراجعة أي نظام مر عليه أكثر من 10 أعوام، لافتاً إلى وجود نحو 35 نظاماً يتم مراجعتها حالياً بالوزارة، مبيناً أن بعض الأنظمة لها أكثر من ثلاثة عقود ولم تشهد أي مراجعة أو تطوير وتحديث. وأكد أن مسودة نظامي الإفلاس والامتياز التجاري يجري الآن تقويمهما من الغرف التجارية والإدارات القانونية بالشركات الكبيرة تمهيداً لإحالتهما لهيئة الخبراء لاستيفاء مراحل اعتمادهما وإقرار العمل بهما قريباً، موضحاً أن الهيئة تعمل حالياً بالتعاون مع شركائها على إزالة العوائق التي تحد من نمو القطاع وإعادة هندسة إجراءات القطاع والتعرف على الفجوات الموجودة في الأنظمة ومعالجة بطء وتعقيد وتداخل الإجراءات، وكذلك تقليص الفترات الزمنية، بالإضافة إلى توسيع العمل في مجال الحكومة الإلكترونية ومراكز الخدمة الموحدة. وحدد السليمان أربعة معوقات رئيسة تواجه منشآت القطاع، وهي البيروقراطية، والتمويل، وصعوبة الوصول إلى الأسواق، والمنافسة لاستقطاب الكفاءات والقدرات البشرية، مبيناً أن القروض البنكية غير مناسبة لتمويل منشآت هذا القطاع، وأن التمويل الرأسمالي هو الأفضل لها، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الملفات التي ستدرس وتحال إلى الجهات المعنية، والتي تصب في إطار دعم وتحفيز الفرص الاستثمارية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وقطاع المال والأعمال. وعبّر عن تفاؤله بمستقبل القطاع بالنظر إلى ما حققته دول أخرى، مبيناً أن ريادة الأعمال ستصبح الخيار الأفضل لطالبي العمل خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى استيعاب المنشآت المتوسطة والصغيرة 67 في المئة من القوة العاملة في الاتحاد الأوروبي، فيما تصل النسبة إلى أكثر من 88 في المئة في دول أخرى مثل تشيلي وكوريا الجنوبية، مبيناً أن الهيئة ستعمل على تشجيع نشر ثقافة ريادة الأعمال من مراحل مبكرة في أوساط التعليم الأولي والجامعي، كما أنها ستعمل على تحفيز الشركات والكيانات الكبيرة لدعم القطاع بشكل تكاملي يعود بالفائدة على الجميع عبر حاضنات ومسرعات الأعمال. وبين أن الهيئة تنظر إلى الفشل باعتباره جزءاً أساساً من تجارب ريادة الأعمال الناجحة، وأنه طريق جيد للتعلم تمهيداً لحصد النجاح والتميز، لافتاً إلى عزم الهيئة افتتاح خمسة مكاتب لها في مناطق المملكة الرئيسة، وتنظيم أكبر فعالية مهنية احترافية ل«الفرنشايز» في الشرق الأوسط في شباط (فبراير) 2018، مؤكداً وجود فرص كبيرة للتحسين والتحسن ما يعني إمكان حدوث نقلة نوعية في هذا القطاع، مشدداً على أن ثروة الشعوب والأمم الحقيقية في شبابها. وشدد السليمان على أن المملكة بدأت خطوات رائدة وجادة في سبيل تدعيم واقع ومستقبل القطاع، مبيناً أن وجود جهات شقيقة مثل هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة ووحدة المحتوى المحلي التابعة لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، سيسهم في تسريع وتيرة نمو القطاع، لافتاً إلى وجود فرص هائلة تنتظر المنشآت الصغيرة والمتوسطة، أهمها برامج خصخصة أصول عائدة للدولة تقدر قيمتها بنحو 1.5 تريليون ريال، ما يوفر فرصاً استثمارية هائلة للقطاع الخاص السعودي عموماً وقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة خصوصاً.