جاء حفل توزيع جوائز الدورة التاسعة والثلاثين لجائزة الملك فيصل العالمية، التي أقيمت مساء أمس، استثنائيا بكل المقاييس، حيث احتفلت الجائزة بتسليم خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز– حفظه الله– جائزة خدمة الإسلام والمسلمين، نظير عنايته الفائقة بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، واهتمامه بالسيرة النبوية، ودعمه مشروع الأطلس التاريخي للسيرة النبوية وتنفيذه بدارة الملك عبدالعزيز، وإنشائه مجمع الملك عبدالعزيز للمكتبات الوقفية بالمدينة المنورة لحفظ التراث العربي والإسلامي، وسعيه الدائم لجمع كلمة العرب والمسلمين لمواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها الأمتان العربية والإسلامية، بالإضافة لجهوده في إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب واستضافة مقره بالرياض، ومواقفه العربية والإسلامية عبر عقود من الزمن تجاه قضية فلسطين المتمثلة في الدعم السياسي والمعنوي والإغاثي، وكذلك ترؤسه وإشرافه المباشر على عدد من اللجان الشعبية والجمعيات الخيرية لإغاثة المنكوبين والمحتاجين في العديد من الدول العربية والإسلامية، وإنشاؤه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ودعمه بسخاء ليقدم العون للشعوب العربية والإسلامية المحتاجة. خادم الحرمين يتسلم جائزة خدمة الإسلام والمسلمين (واس) وقام الملك سلمان بن عبدالعزيز بتكريم أربعة باحثين ومؤسسة علمية على إنجازاتهم العلمية وجهودهم في خدمة وتطوير البشرية في مجالات الدراسات الإسلامية، واللغة العربية والأدب، والطب، والعلوم. وجرت مراسم تسليم الجوائز بقاعة الأمير سلطان الكبرى بفندق الفيصلية بالرياض. وبذلك طوت المؤسسة 39 عاما من النجاح وتستمر في تثمين وتقدير والاحتفاء بالإنجازات العالمية والإنسانية وفق معايير دقيقة ومهنية، لتقدم للمجتمع الدولي اليوم خمسة مرشحين محتملين لجوائز عالمية مرموقة، نظرا لما تحمله الجائزة من تاريخ مشرف من القدرة على تمييز الإنجازات البشرية واستشراف ما يخدم الإنسانية في المستقبل، كيف لا وقد استطاعت جائزة الملك فيصل الدولية بمعاييرها وكفاءة لجنة محكميها أن تكرم خيرة العلماء والمفكرين والباحثين الذين أثروا البشرية وحصل عدد كبير منهم فيما بعد على أرفع الجوائز الدولية ومنها 18 جائزة نوبل، و13 لمؤسسة غيردنر، و11 ميدالية الوطنية الأمريكية للعلوم و9 جوائز لألبرت لاسكر للأبحاث الطبية الأساسية و8 ميداليات للملكية البريطانية و5 ميداليات لفيلدز في الرياضيات. وقد أشاد كثير من الزعماء والعلماء والمفكرين بهذه الجائزة المرموقة واعتبروها شرفا عظيما ومنفعة كبيرة للبشرية. وبإسدال الستار على الدورة التاسعة والثلاثين، تكون جائزة الملك فيصل العالمية قد احتفت بإنجازات 253 عالما وباحثا من الأفراد والمؤسسات من 44 جنسية، لتواصل بذلك الجائزة تقديم عطائها اللامتناهي لخدمة الإنسانية وترسيخ مبادئ وقيم نشر ونقل المعرفة كأولى خطوات توطينها في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. وتشرف الفائزون بالسلام على خادم الحرمين الشريفين تباعا وتسلم جوائزهم منه، حيث تسلم د. رضوان السيد من لبنان جائزة الملك فيصل العالمية فرع الدارسات الإسلامية نظير جمعه في أعماله ودراساته بين الاطلاع المدقق الواسع على التراث العربي الإسلامي الفقهي والسياسي والإحاطة بمنهجيات البحث الحديثة. وتسلم أ.د. خالد الكركي رئيس مجمع اللغة العربية الأردني، جائزة الملك فيصل العالمية عن فرع اللغة العربية والأدب، تقديرا لجهود المجمع العلمية المتميزة في ترجمة العلوم والتقنية. وتسلم البروفيسور تادامتسو كيشيموتو من اليابان، الذي يشغل حاليا منصب أستاذ المناعة في مركز فرونتير لأبحاث المناعة بجامعة أوساكا باليابان، جائزة الملك فيصل العالمية عن فرع الطب نظير دوره الرائد في اكتشاف وتطوير علاج بيولوجي جديد وناجع لأمراض المناعة الذاتية حيث عكف لأكثر من ثلاثين عاما على البحث والدراسة إلى أن اكتشف انترلوكين-6 المعروف بمنظم الالتهابات والمناعة وتمكن من تحديد وظيفتة الفسيولوجية ودوره في أمراض الالتهابات المناعية الذاتية. وتسلم كل من أ.د. دانيال لوس من سويسرا وأ.د. لورينس مولينكامب من هولندا جائزة الملك فيصل العالمية فرع العلوم (فيزياء بالمشاركة) حيث تم منح الجائزة للأول لكونه من أهم رواد النظرية الخاصة بديناميكية دوران الإلكترونات وتماسك الدوران في النقاط الكوانتية وتطبيقاتها الممكنة في الكومبيوترات الكمية. والفكرة من وراء ذلك هي الاستفادة من خاصية دوران الإلكترونات المحجوزة في النقاط الكوانتية لتكون بمثابة أرقام ثنائية كوانتية (bits). وقد مهدت أعماله للعديد من التجارب المهمة. كما أنه ساهم في نظرية الكمبيوتر الكوانتي باستخدام دوران الإلكترونات كأرقام ثنائية كوانتية، مما فتح المجال نحو تطوير حواسيب قوية من حيث سرعتها وقدرتها على تخزين المعلومات. ومنحت الجائزة لمولينكامب نظير مساهمته بدرجة كبيرة في المجال التجريبي لعلم دوران الإلكترونات. وقد تضمنت أعماله اكتشاف طرق مبتكرة لحقن الشحنات المستقطبة بواسطة الدوران في أشباه الموصِلات، مع إمكانية استخدام وسائل تخزين ممغنطة، ومعالجة حالات الدوران. وقد نجح البروفيسور مولينكامب تجريبيا في تأكيد نظرية تأثير دوران هال الكوانتي، مما يعزز مجال العوازل الكوانتية.