الناس عندنا مهووسون بأي شيء يخرع ويجعلهم يطيرون فزعا ويتناقلون هذا الفزع بحماس غريب. في الأيام الماضية انتشر فيديو في «الواتس اب» عن طريقة تصنيع منتج غذائي شهير وأظهر الفيديو مراحل التصنيع وأوضح أن أهم مكوناتها مادة من المخدرات الثقيلة وفضلات الإنسان وأشياء مقززة أخرى، الناس تناولت هذا الفيديو بشراهة وأخذوا يحذرون بعضهم عشقا في التحذير من كل شيء دون التأكد من صحة التحذير. الآن، وجب تشغيل ما يسمى بالمخ؛ لنتأكد من صحة المعلومات التي نستقيها من السوشال ميديا، وفرز الخبيث من الطيب ونتوقف قليلا عن ثقافة التخريع، وهي صناعة الفزع بشكل مبالغ فيه من شعوب سئمت كل شيء ولا تمارس أي شيء يقاوم هذا السأم سوى الإكثار من ممارسة هواية التبطح التي تؤدي إلى ضمور الدماغ فلا يجيد صنعا للتصدي لثقافة التخرع ونشر الفزع من كل شيء والعمل على نشره. لست من أنصار هذا المنتج ولا من أعدائه والكلام لا ينطبق على طريقة إعداد هذا المنتج أو ذاك وإنما بلغ السيل الزبى وصارت الناس تقذف بما يأتيها في وسائل التواصل الاجتماعي وتتباهى به وتراهن على صحته دون تشغيل ماكينة العقل المعطلة منذ زمن طويل ودون محاولة التأكد من صحته وكل يوم نصحو على تحذير وننام على تحذير حتى الحذر طفش منا. كميات من الحذر المنطقي ضرورية للعيش لكن المبالغة في الحذر دون منطق جهل مطبق ورغبة حادة في الفزع.