نواجه بين الفينة والأخرى في أعمالنا شخصيات فرعونية من تجار وأصحاب أملاك أو موظفين في شركات عملاقة، تعتقد أن كل ما يصدر منها صحيحا وكل أمر تفرضه لا بد أن يطاع! وأعتقد تماما أن ثلثي المشكلة ينبع من قبول الناس لبعض تصرفاتهم السيئة والمؤذية ومداراتهم، فقط لأنهم ذوو سيط أو منصب أو مركز مالي مميز. والأمثلة تطول في ذكر نماذج سمحت لنمو الفراعنة وتكونها وأحمّل كل صاحب مؤسسة أو موظف أو فرد منا مسؤولية عدم قبول الإهانة والسلوك المتعجرف فقط لأن من وراء هذا الشخص مصلحة مالية، فهذا أول أساسيات المهنية ألا تقبل بالمذلة مقابل القرش والدرهم. وهناك فرق بين المجاملة وتحمل سوء الفهم المغلف بالأدب، وبين قبول الكلمات المشينة والألفاظ غير المقبولة عرفا، ظنا أن ذلك من حسن خدمة العميل تحمّل الكلمات غير الحسنة. خدمة العميل دوما مقدمة وعلى العين والرأس، لكن يسبق كل ذلك الاحترام والأدب المتبادل بين طرفي المصلحة التاجر والمستهلك، فحين يفقد أحدهم أدبه ويضر الآخر، يجب عليه استيعاب ذلك ويعتذر، أو على المتضرر أن يبين له أن السلوك غير مقبول وبأسلوب لا تجريح فيه. أعتقد بهذه الطريقة نسمو، ولا نسمح بتشكل الفئة الفرعونية المعوقة، التي ستضمحل وتتلاشى تدريجيا حين لا ترى مَنْ يسقي غرورها وكبرياءها. وعلى قول المثل: (قالوا لفرعون مين فرعنك؟! قال: ما لقيت أحدا يردني)