يهرول البعض خلف الاعتراف بهم وبآرائهم وأفكارهم وأعمالهم، وهؤلاء وإن نالوا قدرا من الاهتمام من بعض المختصين ووسائل الإعلام، إلا أنهم يبحثون دائما عن شخص أو مجموعة بحد ذاتها تُزكيهم بكلمات الثناء والمديح، دونها يشعرون بشيء من النقص، ويعتبرون أن ما يحملونه من فكر لا قيمة له، وأن المنجز الذي عكفوا على تنفيذه يعتريه الخلل والنقص. فعندما تعلن رأيا أو تنشر كتابا أو تكتب مقالا أو تدون أدبا، في شأن سياسي أو اقتصادي أو ثقافي، وتضع نصب عينيك شخصا بذاته كي تنال إعجابه، فأنت وإن وصلت القمة وكنت النجم اللامع الذي يشار له بالبنان، فعمليا يسكنك شخص ضعيف ومهزوم في تركيبته القيمية والمعرفية والاجتماعية، إذ يتضح أن ما تحمله لا يعدو أن يكون سد نقص ذاتي بحت؛ علما أنه لا ضير بأن بعض ما ننجزه يقع ضمن إرضاء حاجة في أنفسنا، ولكن ما لا يستقيم هو أن يكون فعلك وعملك خالصا لنيل الاعتراف بقيمتك في محيط ما. ويذهب عن ذهن هؤلاء الناشطين والفاعلين ضمن محيطهم ومجالهم، أن شغف البحث عن الاعتراف صرفهم عن تعزيز ثقتهم بأنفسهم ومنتجهم على حد سواء، من خلال تقوية رصيدهم المعرفي، وفتح أفق جديدة في التواصل مع أطراف أخرى لم يتم طرق بابها من قبل، للحصول على التقييم والنقد. مع اليقين بأنه لا يوجد بيننا من يحصل على الثناء الدائم والإعجاب المطلق والتأييد المستمر، فلكل حقل وموضوع جمهوره الخاص، وبالتالي عندما لا يروق لأحدهم شخصك وعملك، وإن علا شأنه ومنزلته، فابحث عمن يتلقفك ويتلقف عملك ويحتفي به. فالفخ أن تكون غير مدرك لوجود أزمة ومشكلة شخصية، وأن الكسل وحده منعك من تجاوز عقبة الاعتراف بك.