ممكن طلب بسيط.. حاول أن تطلب من عقلك أن لا يفكر لمدة دقيقة بالحمار الوحشي، ولاحظ ما سيحدث. لا بد أنك لاحظت أن صورة الحمار الوحشي احتلت شاشة عقلك تماما، رغم أنك لم تكن تفكر فيه بتاتا قبل أن أطلب منك، فأي فكرة تدخلها عقلك تشغل مساحة تركيزك. نحن نمارس يوميا إشكالية الحمار الوحشي، حيث نمضي أغلبية الوقت في التركيز بشأن ما لا نرغب في حدوثه، وقد لا ندرك مدى انعكاس ذلك على طبيعة واقعنا، حيث تشكل طبيعة الصور الذهنية التي تدور في عقولنا ملامح العالم الخارجي المتجسد حولنا، فالبذار التي زرعتها سوف تحصدها، والفكرة التي تدور بتكرار في عقلك هي التي سوف تحصدها، ففي كل مرة نركز فيها على أمر ما تبدأ سلسلة من الظروف بالظهور في حياتنا مشابهة للصور المتكررة في أذهاننا العالم الباطني هو السبب والعالم الخارجي هو النتيجة. وإذا تأملت ما حولك فستلاحظ الملايين من البشر الذين يهرعون منذ استيقاظهم نحو شاشة التلفاز، ليستفتحوا صباحهم بمتابعة نشرة الأخبار، ومشاهدة التقارير المزعجة والصور المخيفة والحروب والكوارث والجرائم، فهل يمكنك استنتاج نوعية المزاج النفسي الناشئ بعد تجرع هذا الكم من السلبية في بداية اليوم. إنه قانون التركيز الذي ينص على أن كل ما تركز عليه سيزداد، فكل ما نفكر فيه ونستمر سيترسخ في عقلنا الباطن وسيصبح جزءا من سلوكنا وخبرتنا، وعندما تتركز أفكارك على ما يقلقك ستقوم بإحداث المواقف التي تخشاها في حياتك، ومحاولة المرء الوصول إلى النجاح مع الاحتفاظ بالشك في داخله أشبه بمحاولة الوصول إلى الغرب عبر السفر شرقا. إن نوعية الأفكار والصور التي تحتفظ بها في عقلك تؤثر على لحظتك الحاضرة والنتائج المستقبلية في حياتك، وهذا يدفعك لأن تكون حريصا بشأن ما تدخله من بيانات إلى عقلك، لأنه سيتحكم فيما يتحقق في تجربتك الحياتية، تماما كما يؤثر ما تضعه بداخل جسدك على صحتك البدنية، فاختيارك لتغذيتك العقلية إما أن يقوي حالتك أو يضعفها، ويشجعك ذلك على أن تكون انتقائيا بشأن ما تسمح له بالدخول الواعي إلى فكرك لأن المدخل الجيد هو السبيل للمخرج الجيد. لا توجد فكرة تستقر في رأسك بدون مقابل، وكل فكرة لديك هي استثمار أو تكلفة، فإما ستدفعك نحو النجاح والسعادة أو بعيدا عنهما، وقد تقويك أو تضعفك، ولهذا إذا أردت أن تنتقل لمستوى جديد من الحياة فمن الضروري أن تختار أفكارك ومعتقداتك بعناية، وإن تدريب وإدارة عقلك هو جوهر التحول لتصبح أفضل ما يمكنك أن تكونه.