في ظل توجه المملكة إلى تحقيق رؤية 2030 مع التحول من الفكر التقليدي إلى الفكر الفاعل من خلال خصخصة أغلب القطاعات الخدمية، فإن محور النجاح يعتمد بشكل مباشر على حسن الإدارة وكفاءتها، ويترتب على الإدارة غير الجيدة للمشروعات او المصالح او غيرها نتائج وخيمة، تتمثل في انخفاض المعنويات لدى الطاقم الوظيفي وارتفاع مستوى الاستقالات في المنظمة وانخفاض معدل إنتاجية الموظفين، كما يؤدي هذا النوع من الإدارة إلى بث عدم الطمأنينة الوظيفية في نفس الموظفين إلى جانب كثرة شكاوى العملاء من سوء الخدمة. وفي أرض الواقع فإن أزماتنا الحقيقية تتجلى في استثمار الكفاءات، فعندنا إمكانيات وعندنا عقول وعندنا قدرات في كل مجالات الحياة في السياسة والاقتصاد والجيش والأمن والصحة والتعليم والإدارة، ولدينا قدرات عظيمة لم نستغلها بالكامل وفي تصوري أن نجاح قيادة المصالح والهيئات يكون أولا بإصلاح الفكر الذي تحمله هذه القيادات لو استطعنا أن نفعل هذا في كل مؤسساتنا ودوائرنا الحكومية والخاصة لكنا في مصاف الدول المتقدمة، فمعظم منظماتنا اليوم (شركات وجمعيات ومؤسسات وإدارات حكومية وخاصة..الخ) تدار ولا تقاد، لذا أرى أنه ومع توجه القيادة السياسية لتطبيق برنامج التحول 2020 أن نتطلع إلى اختيار قادة ملهمين في كل الجهات التي تتعلق بمتطلبات المواطن من خدمات وتطوير وتحسين، فالقادة الملهمون هم المثل الأعلى لأتباعهم، فهم يشاركون رؤيتهم ومهمتهم وقيمهم مع من يتبعهم حيث يجعلونهم جزءا من عملية صنع القرار، ويعتبر هذا النهج أكثر فاعلية من النهج الذي يتبعه من يكتفي بالإدارة، بينما يلجأ متبعو النهج «الإداري» إلى التحكم والتدخل في سير العمل داخل المؤسسة او المصلحة إلى جانب تحطيمهم معنويات العاملين لديهم، بينما يعمل متبعو النهج «القيادي» على تحميس العاملين لديهم وعلى الرفع من معنوياتهم من خلال نشرهم الطاقة الإيجابية في أجواء المنظمة، كما يشجعون الآخرين على العمل الجاد والالتزام بمبادئ المنظمة وتطلعاتها من خلال متابعة القادة لسير العمل في المنشأة والإشراف على الأمور الاستراتيجية، ويتجنب هؤلاء المدراء القياديون التدخل بانتظام في طريقة أداء الموظفين واجباتهم اليومية وإدارتهم مهامهم الوظيفية. القائد الإداري الذي نريده يحتاج إلى مهارات فكرية تساعده في تقدير المواقف وتقييم المشكلات واختيار الحلول المناسبة وتتبلور في مهارة إدراك المواقف ورصد المتغيرات، واستثمار المعلومات المتاحة وتوظيفها لدعم اتخاذ القرارات بعد تحليل المشكلات والكشف عن أسبابها، كذلك يعتمد نجاح القائد الإداري الفعال على مهارته في بناء الاستراتيجيات وتنمية السياسات، وإعداد الخطط الاستراتيجية وحشد الجهود والموارد لتنفيذها بكفاءة ومن المهارات الجديدة المطلوبة للقائد الإداري الفعال إجادة التعامل مع الحاسبات الآلية وتقنيات المعلومات والاتصالات. كما يحتاج القائد الإداري إلى مهارات إدارية في اختيار مساعديه وتشكيل فرق العمل المتجانسة والفعالة التي يعهد إليها بمهام تتطلب التعاون وتكامل التخصصات. كذلك تحتل مهارة «إدارة الأداء» مرتبة متفوقة في هيكل المهارات القيادية للقائد الإداري المعاصر. وتكتمل مهارات القائد الفعال حين تتوافر لديه القدرة على التعامل والتفاعل مع العاملين وغيرهم من البشر الذين يتصل عمله بهم سواء من داخل المنظمة أو من خارجها. يهتم القائد الجيد بالإنصات إلى فريقه ويهتم أيضا بما يواجه أفراد فريقه من مشاكل حيث يصبح مصدرا للنصح السليم والحلول السديدة للمشاكل التي تؤرقهم ويكون الإنصات الجيد مصاحبا للعقل المنفتح في العادة، وذلك لما يمنح العقل المنفتح صاحبه القدرة على منح الآخرين انتباهه الكامل وعلى استيعاب وفهم المواضيع المطروحة وما تحمله من وجهات نظر مختلفة إلى جانب إعطاء الآخرين النصح والارشاد عند طلبهم أو في الوقت المناسب لذلك ويفقد القائد قدرته على تحفيز أفراد فريقه وإلهامهم للسعي وراء هدف محدد عند فصل نفسه عن المتطلبات الفريدة للفريق، لهذا السبب، ينصت القائد الجيد بكل موضوعية واحترام إلى فريقه حتى يجعل من أفراد فريقه أشخاصا يستجيبون لبعضهم البعض كما للعميل، فتلك هي الخطوة الأولى في الغالب نحو كسب العملاء ولا ينحصر الإنصات الجيد على فريق القائد فقط، لأن الأفكار والآراء والنصائح يمكن لها القدوم من أي مكان آخر غير الفريق. يعمل القائد الجيد على ضمان اتباع المنظمة السياسات والإجراءات التي تساعد الموظفين على التميز والإبداع وليس التي تعمل على إعاقتهم عن ذلك، ويجب إعداد القوانين والقواعد التي تتبعها المنظمات بطريقة بسيطة تخلو من التعقيدات ليسهل فهمها من قبل الموظفين، حتى لا تعرقلهم عن أداء عملهم وهم يحاولون تطبيقها، ويجب التخلص من جميع الإجراءات البيروقراطية والسياسات التي تعرقل سير العمل، ولا تعمل على تحفيزه ودفعه نحو الأمام والعثور عن بدائل أفضل منها ذات تأثير إيجابي على الموظفين وعملهم، حيث يجب العمل على تشجيع الموظفين على الإبداع ومضاعفة جودة عملهم مع الحرص على فتح المجال للموظفين، حتى يبدعوا في عملهم ويحسنون من أدائهم ليتميز فريق العمل.