تعكس المحادثة الهاتفية التي امتدت لأكثر من ساعة مساء الأحد الماضي بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وفخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، تعكس المكانة التي تحتلها المملكة في سلم الأولويات الأمريكية بمختلف إداراتها المتعاقبة، تأسيسا على العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، ثم للثقل العربي والإسلامي والدولي الذي تحتله المملكة كبلد وازن في السياسة الدولية، وعلى مستوى قيادة الاقتصاد العالمي، والدور الكبير الذي تلعبه في مكافحة التطرف والإرهاب بوصفها ركيزة العالم الإسلامي ووسطيته العادلة، من هنا أخذت مكالمة فخامة الرئيس الأمريكي للملك سلمان بن عبدالعزيز أهميتها، كونها تؤسس مجددا لجملة من العناوين الرئيسية المشتركة بين البلدين، حيث تدعم المملكة توجه الرئيس الأمريكي لإقامة مناطق آمنة لحماية النازحين في سوريا، إلى جانب مساهمتها الكبيرة في محاربة داعش والعناصر المتطرفة، حيث تمثل الطلعات الجوية السعودية الثانية من حيث الحجم بعد الولاياتالمتحدة بغية القضاء على داعش، والعمل على حل الأزمة السورية. هذا على صعيد التنسيق بين البلدين في محاربة الإرهاب، وعلى الصعيد الآخر فقد بحث الزعيمان سبل تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتعزيز التعاون المشترك في المجال العسكري والسياسي، كما اتفقا على الحاجة لمواجهة نشاطات إيران التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة نتيجة التدخلات السافرة لحكومة طهران في الشأن العربي والإقليمي، وإثارة النزاعات الطائفية والمذهبية، وإصرارها على استخدام نفوذها المتزايد لإثارة البلبلة في الأوساط العربية. وتأتي هذه المحادثة المهمة بين الزعيمين الكبيرين، أولا لتنسف كل تلك الأقاويل التي تتحدث عن تغير أو فتور العلاقات بين البلدين استنادا إلى معطيات الحملات الانتخابية، وهي بالتأكيد قراءات قاصرة لا تستوعب أسس العلاقة الاستراتيجية بين المملكة والولاياتالمتحدة والقائمة على الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، وثانيا: عمق الروابط السياسية الناجمة عن تطابق وجهات النظر في كثير من القضايا العربية والدولية، وحجم المصالح الاقتصادية والتجارية والعسكرية المشتركة بين البلدين، وقبل هذا وذاك الثقة المتبادلة التي بُنيت على مدى أكثر من ثمانية عقود بين قيادات البلدين، مما عزز من قيم الشراكة بينهما، ورسخ مبدأ الحوار في أي قضية خلافية، لتستمر العلاقة تصاعديا رغم كل محاولات الإساءة لها من هنا وهناك، لتبقى الأنموذج الأبرز للشراكة بعيدة المدى التي تزداد تماسكا مع الأيام.