ميريل ستريب، واحدة من أهم نجمات السينما الأمريكية في تاريخها، ألقت ما يشبه الخطاب القصير، هاجمت فيه الرئيس المنتخب دونالد ترامب، حين تسلمت جائزة في حفل «غولدن غلوب»، والذي يُعَدُّ من أهم حفلات الجوائز الفنية، السينمائية والدرامية، في الولاياتالمتحدة، إلى جانب حفل جوائز الأوسكار. خطاب ميريل ستريب، أثار جدلا في أمريكا، وإعجابا من قطاعات واسعة حول العالم، تناقلته عبر شبكات التواصل الاجتماعي، واستدعى هجوما مضادا من ترامب، وصف من خلاله ستريب بالممثلة المبالغ في تقديرها. ستريب رفضت هجوم ترامب المتكرر على الصحافة وهوليوود والأجانب، وذكَّرَت بمشهد لترامب يعنِّف فيه صحفيا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقالت إنه أثَّر فيها كثيرا. بعض الكتّاب والمعلقين الأمريكيين انتقدوا كلام ستريب عن الصحفي، لأنه كما قالوا محاولة تمثيلية لاستدرار الدموع والتعاطف، تناقض الواقع، إذ إن ترامب نَهَرَ الصحفي لأنه مراسل «نيويورك تايمز»، الصحيفة المعادية له بالمطلق، وليس لأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة. لكن الأهم في كلام ستريب، أنه يعبر عن ازدواجية مجموعة كبيرة من الليبراليين الأمريكيين، ففي الوقت الذي تنتقد فيه ترامب بسبب خطابه المعادي للأجانب والمهاجرين، تغفل أن أوباما قام بترحيل أعداد ضخمة من المهاجرين أثناء فترتي رئاسته، وأن مرشحتها للرئاسة هيلاري كلينتون وافقت على بناء جدارْ مع المكسيك حين كانت في الكونغرس. يُظهر هذا أن مشكلة كثير من الليبراليين الأمريكيين مع ترامب هي مشكلة فجاجة الخطاب والأسلوب، فالقيام بالتصرفات نفسها يكون مقبولا حين لا يصحبها خطاب شعبوي، فيه ما فيه من الابتذال. يبدو خطاب ستريب براقا من حيث الشكل، في نقده لحالة عنصرية بالفعل، لكنه ليس جذريا بما فيه الكفاية، لينقد ممارسات المؤسسة الحاكمة في الولاياتالمتحدة، وهو يدّعي أن المشكلة تتعلق بشخص بعينه، لا بمؤسسة بأكملها. لو تحدثنا عن تقييمٍ أخلاقي لخطاب ستريب، سنجد أنها تغفل، كما هي عادة كثير من نجوم هوليوود، الاستهتار الأمريكي عموما بأرواح البشر في العالم، وإهانتهم كل يوم بشتى الوسائل، بل وذبحهم، فلمَ لا تحرِّك جرائم الامبراطورية الأمريكية حميّة نجمة هوليوود؟، وكيف يحتفي جمهور عربي واسع بهذا الخطاب، وهو يهمل أهم نقطة بالنسبة للمتلقي العربي، الذي عايش كوارث عديدة تسببت بها السياسة الأمريكية في المنطقة؟. لابد أن نتذكر أن هوليوود جزء من أدوات التأثير والدعاية الأمريكية، وأنها لن تكون خارج الدعاية الأمريكية، وإن قامت بنقدٍ ما هنا وهناك، وهكذا، فإن موقف ستريب يمكن تفسيره بالانحياز لتقاليد المؤسسة الحاكمة، ضد القادم الغريب، الذي يشوه برئاسته تلك التقاليد، حتى وإن ظهر هذا الموقف على شكل محاضرة في الأخلاق.