لا مناص لبعضهما عن بعض لكن «لكل قاعدة شواذ» خلال التعامل بين بني البشر في الثقافة والوعي اللذين يكونان بوتقة واحدة وهي «الوعاء الذي يذيب الصائغ فيه المعدن» وهما ليسا علما يتلقف أو معرفة يجري البحث عنها بل هما حس جمالي وفكر محموم حيث ان حكمة هندية تقول «الانسان نتاج تفكيره» أي ما يؤول نحو البيئة التي يعيش في كنفها بنو البشر على اختلاف مستوياتهم العلمية. ملاحظ ان نصيب الأسد القيام بسلوكيات شاذة مرفوضة لا يعير اولئك لها أي اهتمام وستأتي في السياق لأنه ليس لديهم وعي ومن ليس له ذلك لا ثقافة له وهي نبراس العلاقة المجتمعية التي تكسب ود من اهدى اليهم الحب الخفي، ومن تلك السلوكيات التي تؤرق ناظري ما يحدث من مقذوفات في الشوارع والطروقات من علب سوائل ومناديل وأعقاب سجائر وما إلى ذلك من صنوف النفايات بكل اريحية كما يكون أيضا في الحدائق والمنتزهات والأماكن العامة لعدم التورع بوضعها في الصناديق المخصصة لها من اجل الحفاظ على البيئة لمنع تكاثر القوارض والحشرات وهذا ما لا تريده على حقيقتها التي «هي كالمخطوبة الحسناء كثير خطابها ولكنها لا تكاد تجد فيهم واحدا تحبه» ناهيك عما يشاهد بالحركة اليومية في مواقع العمل ومراكز البيع والشراء وورش الإصلاح والخدمات والمواقف العامة للمركبات التي تستلزم الانتظار للواحد تلو الاخر في هذه الحال يريد من لا احقية له في الأولوية بالانتظار للإنجاز تجده يسابق من له الأولوية دون أي اعتبار للغير متلبسا بالأنانية وهي في شخصية المتعامل بها كما ان من لا وعي له يترك مركبته تنفذ من عادمها ادخنة ضارة بالبيئة والصحة العامة بسبب عدم صلاحيتها او الاستغناء عنها تعج بها مساحات هنا وهناك تكون مجمعا للنفايات وبؤرا لاصحاب السوء ومرتعا لتكاثر الحشرات ونشوب حرائق وعائقا لعدم وصول سيارات الإسعاف والدفاع المدني والطوارئ ونقل النفايات ونظافة الشوارع من الأتربة وصيانة الخدمات كالمياه والصرف الصحي والكهرباء والهاتف او يطلق ابواق سيارته عند إشارة المرور للاستعداد للسير تبعا لهوايته للإزعاج او إيقاف سيارته مع اخر جنبا الى جنب وسط الشارع لتجاذب اطراف الحديث معا دون افساح الطريق للآخرين للعبور. صور كثيرة يشمئز منها العقلاء، اين نحن من إعطاء الطريق حقه واحترم الغير هذا ما يخلفه عدم الوعي اللاعقلاني واللامبالاة في حق البيئة الذي ينص عليه النظام في كل اتجاه كما قال الفيلسوف الفرنسي كوك فيري «للبيئة نظام بيئي» الذي جعلها من الثقافة المرتبطة بالوعي، كما ان الثقافة تعني كل شيء في المأكل والمشرب والتعامل والمعاشرة وفي القول والعمل وفي مقتضى الأمور الحياتية الإيجابية اما غيرها فلا لكبح ذاته، قال احد الفلاسفة الكبار «الثقافة هي ان يعارض الفرد ذاته» أي فيما يسيئ اليها من سلوكيات غير حضارية التي يجب علينا التخلص منها لنكون أصدقاء للبيئة حيث قالت الكاتبة الصينية سان ماو عن الوعي البيئي «كل تغير يطرأ علينا يكون بسبب تغير الزمن والبيئة». لذا امل من الجهات المذكورة في سياقه مشكورة القيام بمهامها الجليلة لردع أصحاب السلوكيات غير الحضارية لتكون بيئتنا نظيفة مبنية على الثقافة والوعي.