بات توظيف مدراء مستقلين في مختلف المناصب القيادية في الشركات العائلية أحد الوسائل الرئيسية لتعزيز قواعد الحوكمة في هذه الشركات. ومن الناحية الإستراتيجية يجب أن يكون مجلس الإدارة المكون غالبيته من ملاك الشركة هو من يوجه خطط الأعمال والعمليات التشغيلية. لكن هذا المجلس يقوم بتفويض جزء من صلاحياته للإدارة التنفيذية من خلال الرئيس التنفيذي (قد يكون احد الملاك أو قد يكون من خارج الشركة) الذي يقوم بدوره بتفويض جزء من صلاحياته للمدراء. سوف يكون على المدراء إدارة شئون الشركة كل حسب مهامه والصلاحيات المفوضة له مع مراعاة النواحي الأخلاقية والإستراتيجية والتركيز على الأداء وإيجاد القيمة المضافة للشركة والمساءلة. ولتجنب أي شك أو إحباط من جانب المالكين، سيطلب مجلس الإدارة منهم تقديم معلومات عالية الجودة بصفة منتظمة في شكل تقارير مع الحرص على وجود عمليات وآليات فعالة لاتخاذ القرارات. ويتناول السيد مصطفى حسين المحامي مؤلف كتاب «جواز مرور الشركات العائلية» بالنقاش دور ومسؤوليات المدراء المستقلين في الشركات العائلية في الشرق الأوسط. ويتمثل هذا الدور في استخدام مهاراتهم وخبراتهم ومعرفتهم واستقلاليتهم من أجل وضع الإستراتيجية والعمل على تنفيذها بعد موافقة ملجس الإدارة عليها وتوجيه أداء الشركة العائلية في كافة جوانبه. ويجب أن تكون هناك علاقة دعم قائمة على الاحترام المتبادل والاتصال المفتوح بين العائلة وأعضاء مجلس الإدارة من خارجها وبين المدراء. ويجب على المدراء التذكر دائماً أن مسؤوليتهم في المقام الأول هي الشركة، فعليهم العمل وفق نطاق صلاحياتهم وتعزيز نجاح الشركة والتحلي باستقلالية إصدار الأحكام وتجنب صراعات المصالح واستخدام قدر معقول من العناية والمهارة. ويعتبر تطبيق سياسة تنص على كيفية تعيين المدراء المستقلين في الشركة من الممارسات الجيدة في الشركات العائلية. فقد تساعد مثل هذه الإرشادات على تجنّب المواقف المحرجة أو المربكة التي يجد حملة الأسهم أو الإدارة صعوبة في التعامل معها أو التي قد تؤدي إلى حدوث توتر واستنزاف للموارد بل وقد تثير الصراعات والخلافات بشأن النظرة إلى دور المدراء المستقلين في الشركات العائلية. ويفترض أن تكون مسئولية المدراء تجاه الشركة ممتدة من لحظة التعيين وتتوقف عند الاستقالة أو التقاعد. ومع ذلك، تظل بعض المسؤوليات قائمة حتى بعد الاستقالة (مثل مسؤولية الثقة) وحتى إذا لم يعد المدير في منصبه عند اكتشاف المشكلة فإنه لا يعني عدم مساءلته عن الإجراءات التي تم اتخاذها أثناء مدة خدمته. ولربما بسبب تحكم المزاج الشخصي لدى بعض الملاك في بعض قرارات الشركات العائلية، كثيراً ما يشعر المدراء بالقلق حيال كيفية الوفاء بمسؤولياتهم والعمل بما يحقق مصلحة الشركة. ومع ذلك، فما دام هؤلاء يقومون بعملهم بمنتهى الإخلاص والاهتمام بكافة الأمور، فغالبًا ما سيكون أداؤهم يتماشى مع مصلحة الشركة. ويمكن تفعيل تأمين خاص يسمى بتأمين المدراء والتنفيذيين لتغطية جانب المسؤولية القانونية لأداء المدراء. وفي حال غياب سوء الإدارة والإهمال، فسوف يكفي هذا عادة لتغطية كافة الإجراءات التي تمت بحسن نية. وقد توفر أيضاً محاضر اجتماعات المجلس دليل توثيقي مهم للتوجيهات الصادرة للمدراء وتوصله إلى اتخاذ القرار الأفضل. وبالتالي فإن تعيين سكرتير للشركة والاحتفاظ بسجلات كاملة ودقيقة للشركة لا يعد مجرد ممارسة جيدة، وإنما قد يكون دليل إثبات مهما على قيام المدير بالوفاء بمسؤولياته على الوجه الأكمل. ويجب على المدراء بصورة دائمة تجنب التواجد في موقع حرج قد تتعارض فيه مسؤولياتهم تجاه الشركة ومصالحهم الشخصية (أو مصالح أطراف أخرى). وبالتالي يجب الإعلان عن هذه المصالح (بما في ذلك الموضوعات الخاصة المتعلقة بعقد خدمة المدير، والقروض الممنوحة إلى المدراء، والمعاملات العقارية الخاصة بالمدراء أو بأشخاص على صلة بهم وما شابه ذلك). قد يحمل بعض المدراء عضوية مجلس الإدارة في أكثر من شركة تنتمي لنفس المجموعة ولكن قد تتعارض المصالح بينها. لذلك يجب أن يحرص مثل هؤلاء المدراء على تذكّر أن التزامهم الأول هو تجاه الشركة وأنهم يخضعون لشروط الحفاظ على السرية والمسؤوليات التي تم ائتمانهم عليها. إن القيام بهذا ليس عملية سلسة أو يسيرة، عندئذ يحتمل قيام عضو مجلس الإدارة بالتخلي عن عضويته بأحد المجلسين بدلا من مواصلة العمل في الاثنتين معا. وتنص اللوائح أو القوانين الداخلية للشركة عادة على الممارسات والإجراءات التي يتم من خلالها تعيين المدراء المستقلين وحضور الاجتماعات والتصويت (في حال عضويتهم في مجلس الإدارة) والحصول على المعلومات وما شابه ذلك. ومن الأهمية بمكان أن يستوعب المدراء كافة حقوقهم وصلاحيتهم حتى يمكن لهم الوفاء بمسؤولياتهم على الوجه الأكمل ووفق ما يتوافر لديهم من معرفة وخبرات. كما يجب أن يعي المدراء باستمرار أنهم عرضة للمساءلة القانونية بصفتهم الشخصية بالإضافة إلى الشركة في حالة عدم وفائهم بمسؤولياتهم أو عدم القيام بها بالاهتمام والكفاءة المتوقعة منهم. ومع ذلك، فإن تطبيق الممارسات والإجراءات الكافية المتوافقة مع الحوكمة المؤسسية سوف يتيح للمدراء توجيه تطوّر الشركة العائلية وتحقيق النمو والنجاح لها وفقا لقواعد واضحة تضمن استقلاليتهم من جهة ورعاية مصالح الشركة من جهة أخرى. ومن الواضح أن دور المدراء المستقلين يعتبر مهما أيضا في تعزيز الفصل بين الملكية والإدارة مما يضفي المزيد من الرشد والحوكمة على قرارات الأعمال التي تتخذها الشركة وعن طريق أدوارهم ومسئولياتهم يتم الحد من تداخل العوامل العائلية مع عوامل الشركة بحيث تنصب تلك القرارات على خدمة مصالح الشركة بالدرجة الأساس وليس خدمة أفراد في الشركة. وهذا الجانب على درجة كبيرة من الأهمية خاصة مع تنامي وتوسع الشركة وزيادة أعداد أعضاء الشركة العائلية التي يعملون فيها.