الكل ينتظر الرئيس الأمريكي ترامب وخياراته الشرق أوسطية، روسيا استعادت شرقي حلب، وهي في طور استعادة المدينة كاملة بعد حمام دم كبير، وإيران تستعرض السلاح والاتفاقيات مع الصينوروسيا، وتحاول استفزاز الإدارة الأمريكية الجديدة، ليكون ذلك محرضا ومؤثرا على اتجاهات وسلوكية الناخب الإيراني، هم يرغبون أن يصدر عن واشنطن أي كلام سياسي فيه نبرة التهديد، لأن ذلك يساعد إيران في انتهاج وهيكلة الرئاسة وفقا لخيارات المواجهة المتوقعة مع واشنطن، رغم سعي إيران عبر اللوبي الإيراني لاجراء اتصالات مع ادارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. في هذه الفترة الحرجة، استعجلت روسيا لتسوية حلب بالأرض، ولتقديمها هدية لفريق الإدارة الأمريكية الذي يؤمن بضرورة التفاهم والتعاون مع روسيا في الأزمات الدولية، غير أن الطيران الروسي هاجم ميليشيات حزب الله ايضا، لأن ما جرى في حلب كان أيضا اتفاقا وتفاهما مع الأتراك، فثمة توزيعات وحصص ومناطق نفوذ يتم التفاهم عليها، ومن القضايا التي تم التفاهم عليها هو احتمالية امتداد النفوذ التركي للمناطق المحررة، ولهذا كانت مهاجمة ميليشيات حزب الله رسالة روسية أكدت على ضرورة عدم اعادة انتشارهم في هذه المناطق. في ذروة الأحداث نقلت الصحف الروسية ما يشير إلى وجود عسكري مصري في سوريا،، بينما تغيب إيران عن المشهد مكتفية بتحرير الموصل، وعملية دمج الحشد الشعبي في اطار الجيش العراقي، وتعالي الأصوات العراقية المنادية بارتكاب الميليشيات الايرانية حمامات دم ضد العرب في الموصل والقرى التابعة لها، ويخرج نوري المالكي ليؤكد شعاراته السابقة «ماضون يانينوى» وان وجهة الحشد الشعبي ستستمر باتجاه مدينة الرقة السورية، لتأتي تصريحات رئيس الأركان الإيراني محمد باقري، بأنهم ماضون أيضا في بناء قواعد عسكرية في المنطقة، في حالة زهو عسكري كبيرة، لكنها مخادعة جدا، لمن يعرف إيران من الداخل، فكل الصراخ الإيراني والاستعراضات العسكرية لم تحرر حلب لولا الانخراط الروسي ولولا التدخل الأمريكي. إيران تحاول أن تعظم قوتها إعلاميا وأن تظهر بأن الآخرين أكثر ضعفا وأنها تتحدى أمريكا وغيرها، وأن على العالم أن يعترف بها كقوة إقليمية، بينما المعلومات الاستخباراتية تفيد بأن انفجارا سيقع في إيران وأن ثورة قادمة في طهران، وأن لا مجال لايران باستعداء دونالد ترامب غير المجرب، والذي توحي مظاهره بالعنف واستخدام مكثف للقوة، ولهذا سيبتدع الايرانيون طرقا لدفع ترامب ليصب جام غضبه في المنطقة، هم يقولون ان ادارة ترامب تشبه لعبة الثيران الهائجة، علينا أن نوجه الاعلام الحمراء ناحية المناطق التي نرغب بأن يمتحن فيها ترامب، والتي تستدعيه التعاون معنا مستقبلا، هذا هو نمط التفكير الايراني، ولهذا نتوقع ان تستثار الادارة الأمريكية بتخطيط إيراني لدفعها لصب جام غضبها على دول المنطقة، ولو استطاع الايرانيون لاختاروا المملكة، هم لديهم عقدة من المملكة، ولهذا هم بحاجة للمضي قدما في هذا العداء، الذي سيتصاعد خلال الأيام القادمة وقبيل الانتخابات الرئاسية الايرانية. تعظيم القوة قد يشمل القاء إيران القبض على أبوبكر البغدادي أو تقديم معلومات ثمينة ودقيقة عنه، فالرئيس ترامب يجب أن يكون بطلا، هذا ما يعتقده الشارع الأمريكي، والبطولة تحتاج لانجازات، وإيران تدرك حاجة هذه الادارة للانجاز، ولا تملك الترف السياسي كإدارة باراك اوباما، ولهذا ستكون قراراته حاسمة وعاجلة، ولهذا سيصنع الإيرانيون له الحواجز ويرسمون له ان استطاعوا خطوطا حمراء كي يسير عليها في المنطقة، هم خبراء في الخداع، ولهذا قد يجدون أطرافا أمريكية تخدم توجهاتهم، تقدم اراء وافكارا تعبر عن الأفكار الايرانية. الأسد يدرك الآن أن عليه ان يتخلص من حالة الارتهان للقرار الايراني، هم موجودون على الأرض، هناك ميليشيات ليس للأسد سيطرة عليها، ولا حتى على ميليشيات الأسد، هم يعملون في سوريا كمحافظة ايرانية، وهذا لن يضمن الاستقرار لا للأسد ولا لروسيا، التواجد الايراني منذ البداية كان هدفه الرئيس الانقلاب على الاسد وعلى سوريا، وافراغ الرئاسة السورية من مضمونها، وانهاء دور الجيش السوري، أو دمج الميليشيات في الجيش ليصبح جيشا طائفيا، وهذا غير ممكن في سوريا، ولن تقبل به تركيا ولا روسيا ولا السعودية. من الواضح جدا، ان الاستعراضات الايرانية، هي اشبه بالخدع الاعلامية لفريق الادارة الامريكية، هي عمليات تحضير الأرواح الشريرة، للتأكيد للادارة الامريكية بأن ايران موجودة بقوة، وان علينا ألا نعبث بالاتفاق النووي، بل على العكس علينا مواصلة سياسة اوباما في التعاون مع ايران، حتى اوباما تطوع وطالب بعدم التراجع عن الاتفاق النووي، لا بل ارسل اشارات ايجابية ناحية ايران، ألمحت الى ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب عليه ان يتبع نصيحة خلفه في كيفية التعامل مع ايران. ترامب لن يتراجع عن سياساته ناحية ايران، ستزداد الضغوط ولكن ليس بعد الانتخابات الايرانية، وترتيب الاوضاع في سوريا واوكرانيا وحلحلة العلاقات الروسية الامريكية، واعادة الدور التركي القوي في المنطقة، والرئيس ترامب سيفرض تحالفات جديدة في المنطقة لمواجهة التدخلات الايرانية، ومواجهة الارهاب، وهذا مصدر الخشية الايرانية، ولهذا نتوقع ان تبادر ايران الى جس نبض الادارة الامريكية الجديدة، كاقتياد بعض السفن الامريكية بحجة دخولها المياه الاقليمية لايران، او اظهار الحوثيين لبعض الضباط الامريكيين الموقوفين لديهم في اليمن، والايرانيون خبراء في المفاوضات وفتح خطوط الاتصال الجانبية وعقد الصفقات، وقد نصحو على تفجير جديد لسفارة أمريكية كما حدث في بنغازي ودور الحرس الثوري الايراني في تمويل الجماعات الارهابية في ليبيا. لا تخيفنا ايران، فهي أوهن من عش العنكبوت، ودول الخليج كما قال ولي العهد «باننا قادرون على مواجهة المخاطر الأمنية والحفاظ على دولنا وشعوبنا» فعصر القوة ليس بكثر الصراخ والتهديد والكلام الثوري، الذي اسقطه الواقع، واسقطته التنازلات البطولية التي قدمتها ايران للغرب، حيث توضح بعض المصادر الايرانية أن التنازلات التي قدمناها يجب ان تكون موضع تقدير من الادارات الامريكية، ولكن اعضاء الكونجرس الامريكي يدركون ايضا أن هذه التنازلات ليست كافية وان على ايران ان تقدم المزيد من هذه التنازلات، ولهذا تأتي الخطوة الاستباقية الايرانية كمحاولة اشتباك ايرانية مع فريق الادارة الامريكية الجديد ليفصح عن نواياه حيال إيران. وعليه جاء انعقاد مؤتمر وزراء الداخلية لدول الخليج العربي، في سياق أمني خليجي واضح الدلائل والمؤشرات، لن تقبل دول الخليج التعرض لأمنها واستقرارها وأنها ستدافع عن مصالحها بقوة تجهلها إيران.