الرعاش مرض فقدان التوازن العصبي وهو ما أخشاه على اقتصادنا المحلي، حيث إن مسيرته أحادية الاتجاه صوب تداولات البورصة في الأسهم ويترنح بين صعود وهبوط غير مأمون الجانب فاقدا لتوازناته المعيارية، لاهثا وراء إشاعه من هنا وتصريح غير موثق من هناك وفقدان الشفافية من هنا وتداولات بينية من هناك يترنم بها الرابحون ويئن منها الخاسرون. فهم قد اعتمدوا على ذلك المؤشر الذي يوحي لهم بضرورة الاستمرار متناسين أن عهد الطفرة لن يعود كما يحلم الطامعون، لأن الطفرة أعطت الانطباع بان البورصة والتداولات في الاسهم هي الاسرع نموا في تدوير رأس المال، حيث انتهت تلك الفترة بتداولات بإجمالي قيمها 4,1 تريليون ريال وبإجمالي ربح 64,6 مليار ريال وعدد الصفقات 46,6 مليون صفقة علما بأن كل ذلك لا يشكل سوى 30% من الأسهم المطروحة في حينها، وليعلموا أن هناك 70% مملوكة للدولة لم يتم تداولها وبالرغم من هذه الحمى في التداولات التي أفقدت اقتصادنا القومي اتزانه، فصارت تسيره الحماسة والاندفاع نحو الربح السريع الذي لا يعتمد على تنويع قنواته الاستثمارية، مما يعطل ويصيب الشلل بقية القطاعات من عناصر النهضة التنموية من صناعة وزراعة وتجارة وبنية تحتية، لتروي هذه الروافد وتضمن لها الاستمرار وهذا ما اعتقده وزراؤنا الكرام في برنامج الثامنة مع الإعلامي القدير/ داوود الشريان، ونظرتهم التشاؤمية بالافلاس ظانين أن اقتصادنا أصيب (بمرض الزهايمر التخريف) بعد تعرضه لمرض باركنسون (الرعاش) مما يعطي الانطباع المعاكس لتوجهات الرؤية 2030، ولم يلوموا أنفسهم لعدم إدراكهم لتلك الأموال التي لم تتضمنها خططهم التي غابت عنهم، حيث قدرت مصادر إعلامية خليجية أن هناك فوائض مالية لسيدات الأعمال بنحو 3 تريليونات ريال وأيضا هناك 400 مليار ريال تبحث عن قنوات لاستثمارها، وأن هذه الأموال لا يمكن أن تستوعبها أي دولة خليجية باستثناء السعودية التي لم تفتح لها قنوات ولم تعد لها برامج الاستيعاب في عز أيام الطفرة وهذا تقصير في عملية الاستقطاب والتشغيل الفاعل من قبل وزارة التخطيط. وهذا ما استوعبته القيادة واستصدرت خططها في الرؤية (2030) لمعالجة هذا الخلل، فهناك مشاريع تنموية جبارة تنتظر التنفيذ، فالمبادرات الجريئة التي رسمتها الرؤية مثل سكك الحديد والطرق والاتصالات والموانئ والمطارات وتقنية المعلومات وتحلية المياه والصرف الصحي والتنمية الزراعية والمصانع الإنتاجية والسياحة والعقار، بإنشاء مجمعات للإسكان لتلبية الحاجة الملحة والسريعة لمواجهة الطلب للزيادة السكانية والصحة بإنشاء المستشفيات التخصصية والمختبرات النوعية والتعليم، بإنشاء جامعات ومراكز تدريب ومعاهد فنية وتأسيس بنوك جديدة لتنويع النشاطات والاستشارات المالية والهندسية. وسؤالي أوجهه لوزارة التخطيط ولرجال الأعمال والاقتصاديين وهيئة سوق المال والغرف التجاريه لماذا لم يبادروا بتوجيه الدفة نحو التنمية المستدامه والشاملة؟. ومن المعلوم أن انضمام المملكة لمنظمة التجارة الدولية فتح أبواب المنافسة على مصراعيه، فعلينا واجب أن نكون مبادرين بالتأسيس قبل أن نكون وكلاء للقادمين باستثماراتهم الأجنبية ويرموا علينا بالفتات وهم يقتاتون بخيراتنا، ونكون منافسين غير تابعين بالرغم من ظهور علامات تبشر بالخير بتدشين مشروع الملك عبدالله رحمه الله في رابغ، وتحرك شركة سابك بتأسيس كيانات صناعية جديدة وتأسيس شركة العقارات وتوجه الدولة نحو إزالة العوائق الاستثمارية، باستصدار بعض الأنظمة ذات العلاقة بهيكلة الوزارات بالتعديل او الدمج او التأسيس لهيئات جديدة مثل هيئة الترفيه وهيئة توليد الوظائف وكلها مؤشرات تنم عن استيعاب للنقلة الحضارية التي بدأت بوادرها وتواكبها المملكة. وكل ما أتمناه أن تترجم الى أرض الواقع هذه الطموحات بتفعيل المشاركة الجادة من قبل رجال الأعمال وتسريع وتيرة التطبيق.