بدأت أتابع مسار الانتخابات الأمريكية عن قرب منذ عام 1976م، في وقت تنافس فيه الرئيس جيرالد فورد والمرشح جيمي كارتر. ولكن هذه المرة واضح أن الانتخابات الحالية مختلفة عن أي سباق رئاسي آخر، رغم أن الانتخابات الماضية كانت حدثا تاريخيا غير مسبوق؛ بسبب وصول رئيس من أصول أفريقية للمكتب البيضاوي. فهذه المرة من الممكن أن يهتز كيان المسار الديموقراطي الأمريكي. ورغم أنني أتابع ما يجري في الصحافة الأمريكية، إلا أن المفارقة هي أن من أفضل التحليلات السياسية حيال مسار الانتخابات موجودة في أحد أعمدة الصحف السعودية. وهذا العمود يكتبه الدكتور أحمد الفراج بجريدة الجزيرة. ومن ضمن ما ذكره الدكتور أحمد هو أنه من الممكن أن تحصل أزمة دستورية؛ لو خسر دونالد ترامب وفازت هيلاري كلينتون بالرئاسة؛ لأنه -وببساطة- لن يعترف بالهزيمة. وهذا أمر خطير سيدخل أمريكا في أزمة لا يعرف خطورتها إلا القليل؛ لأنه إذا لم يعترف بالهزيمة فمعنى ذلك أنه من الممكن أن يتحرك الشارع الأمريكي بغض النظر عما في جعبة أصحاب القرار أو القضاء. وتصريحات دونالد ترامب خطيرة، خاصة فيما يخص إعلانه عن عدم نزاهة مراكز التصويت وإمكانية التلاعب بها رغم أن هذه الأجهزة غير قابلة للتزييف، وكلامة وضع الكثير من المشرعين في حرج كبير، خاصة في ظل ما يجري خلف الستار من محبي نشر نظرية المؤامرة. وهناك الكثير ممن يكسب عيشه من نشر هذه القصص التي تدر الملايين على من يقوم بصياغتها بأسلوب شيق ويقوم بنشرها في كتب في دار نشر مشهورة. ولهذا فالكثير من الشعب الأمريكي يعتبر أن الخيار الموجود هذه المرة يعتبر أسوأ خيار مطروح. والدليل على ذلك هو قيام بعض الجمهوريين بالميلان نحو ترشيح هيلاري كلينتون والتي هي ليست من حزبهم ولكن لا يتخيلون أن يكون شخصية مثل دونالد ترامب والذي لم يتقلد أي منصب سياسي ليصبح رئيس دولة تعتبر القوة العظمى الوحيدة في العالم. ويعتبر رفض دونالد ترامب الاعتراف بالهزيمة في حالة خسارته أكبر كابوس سياسي وقضائي من الممكن أن يمر على الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي الوقت الحالي بدأ الكثير من المحللين الإستراتيجيين من خارج أمريكا بتقليب أوراق القوانين الخاصة بالمحكمة العليا في حالة عدم اعتراف دونالد ترامب بالهزيمة، خاصة أن هناك تصادما كلاميا قد حصل بين أحد قضاة المحكمة العليا وهي السيدة (رووث جيننزبرغ) وهذا قد يقلص من عدد المصوتين من القضاة في حالة تعنت دونالد ترامب، ويكون عدد القضاة زوجيا. وحاليا بدأ رجل الشارع يستعد للانتخاب وسط حيرة من أمره وخوف البعض من أصوات من يسمون (الناخب المتردد)، والذي من الممكن في آخر لحظة أن يغير من مسار الانتخاب. والسؤال الخطير الذي لم يسبق أن طرأ على تفكير أي ناخب أمريكي هو إن كانت ستحدث ولأول مرة أي مناوشات بين ناخبين من حزبين مختلفين في الشارع الأمريكي، عندها سيكون هناك اختبار عسير تراه أمريكا لأول مرة في تاريخها.