فتحت ميليشيات الانقلاب الحوثية في اليمن وحليفها المخلوع بوابة توتر جديدة بتهديد ممرات الملاحة الدولية وتهديد سلامة السفن العابرة لمضيق باب المندب والمياه الدولية في البحر الأحمر، تضاف إلى جبهات الاحتراب الداخلي الذي دمر أرض اليمن وإنسانها. وبتنفيذ طرفي الانقلاب لتهديداتهم باستهداف السفن العابرة للمضيق كالسفينة الإماراتية «سويفت» والبارجة الأمريكية «يو اس اس مايسون» تتحول هذه التهديدات، إضافة مثلها مثل عمليات سابقة نفذها تنظيم القاعدة ضد سفن مدنية وعسكرية بسواحل اليمن قبل حوالي 15 عاما. «كول» والقارب المفخخ كانت بداية هذه العمليات وأخطرها استهداف المدمرة الأمريكية «يو اس اس كول» عند سواحل عدن بواسطة قارب مفخخ أسفرعن مقتل وإصابة 50 من جنود البحرية الأمريكية. ووقعت العملية في أكتوبر 2000 م حين هاجم قارب مفخخ يقوده انتحاريان المدمرة الأمريكية - دخلت الخدمة قبل أربع سنوات من عملية استهدافها - عند رسوها بالميناء للتزود بالوقود. وفتحت العملية حينها أبواب جهنم على نظام المخلوع صالح وجهازه الأمني والعسكري، بقيام القوات الأمريكية بالسيطرة عمليا على عدن جواً وبحراً وفرض حصار مطبق؛ كاد يصل حد احتلال عدن كاملة من قبل واشنطن، وهذا ما اعترف به المخلوع لاحقا في حديث تلفزيوني. ووقتها عرض صالح على الجانب الأمريكي تعاونا غير مشروط في التحقيقات وصلت حد استجواب المحققين الأمريكان لضباط يمنيين دون أية اعتبارات للسيادة اليمنية. وكان حينها الجانب الأمريكي يشك في تسهيلات قدمها الذراع الأمني للمخلوع لتنفيذ العملية من قبل القاعدة ليقوم بعد ذلك سلاح الطيران الأمريكي بقتل يمنيين بغارة جوية في مأرب بتهمة صلتهم بالتخطيط للعملية وأحدهم أمير تنظيم القاعدة في البلاد حينها أبو علي الحارثي. وبعد عامين فقط فجرت خلية إرهابية ناقلة النفط الفرنسية العملاقة «لمبورج» قرب ميناء الضبة في حضرموت بقارب مفخخ، وذلك في أكتوبر 2002 م وهو ذات الشهر الذي تم فيه تفجير «كول» من قبل القاعدة، بجانب استهداف الميليشيات الحوثية للبارجة «مايسون» في مصادفة غريبة. واشنطن رغم الدعم الإيراني الواضح للحوثيين ظلت تنظر إليهم كحركة محلية لا تتجاوز مخاطرها حدود اليمن، غير أن الأحداث الأخيرة كشفت عن تجاوز مخاطر الميليشيات إلى المحيط الإقليمي والدولي بتهديدها للملاحة الدولية في باب المندب ودول الجوار، بامتلاكها ترسانة صاروخية كانت مملوكة للجيش اليمني، مع تأكيد دعم نظام طهران، لها عبر عمليات التهريب النشطة للأسلحة والصواريخ بحراً منذ سنوات. قرصنة الحوثيين عمليات القرصنة التي بلغت ذروتها مابين 2005 -2011 م استدعت تحركا عسكريا لعشرات الدول وضمن 3 محاور، وبدعم من مجلس الأمن عبر قرارات الشرعية الدولية، ورغم ذلك فإن التهديد الذي تشكله ميليشيات الحوثي وصالح يتجاوز بكثير مخاطر القرصنة كونه يهدد ليس مصالح الدول التجارية بل يصل إلى تهديد القطع العسكرية والقواعد الموجودة بالقرن الأفريقي؛ خصوصا بعد أن وصلت تعديات الانقلابيين لقواعد عسكرية في ارتيريا كما حصل مؤخرا. القدرات الصاروخية للميليشيات التي زودتها بها طهران ومنها المضادة للسفن وهي صواريخ معدلة محليا بإيران يتجاوز مداها ال 100 كلم، بحسب تقديرات المحللين العسكريين. مجلس الأمن أصدر في ديسمبر 2008م القرار رقم 1846 لتوفير الغطاء القانوني المطلوب لعملية «يوناف فور اتالانتا» وهي عملية بحرية باشرها الاتحاد الأوروبي لمكافحة أعمال القرصنة قبالة السواحل الصومالية بهدف حماية سفن برنامج الأغذية العالمي، التي تنقل مساعدات لثلاثة ملايين صومالي، إضافة إلى متابعة السفن التجارية ومراقبة المنطقة. وشكل القرار تدشينا لأول مهمة عسكرية بحرية من نوعها لمكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال، لحقتها تحركات عسكرية أخرى، حيث اشتركت في خليج عدن القوات البحرية الثلاث المعنية بمكافحة القرصنة التابعة للاتحاد الأوروبي، ومنظمة حلف شمال الأطلسي، والقوات البحرية المشتركة، وكذلك بعثات البحرية لمكافحة القرصنة التابعة لعدة دول أعضاء بما فيها روسيا، وإندونيسيا،وباكستان، وكوريا، والصين، وماليزيا، والهند، واليابان. كما أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1838 دعا فيه الدول إلى نشر سفن وطائرات عسكرية لمحاربة القرصنة بشكل فعال في عرض البحر قبالة السواحل الصومالية واستخدام الوسائل اللازمة لقمع أعمال القرصنة بشكل متسق مع اتفاقية الأممالمتحدة 1982 بشأن قانون البحار في عرض البحر وفي المجال الجوي قبالة السواحل الصومالية. وفتح القرار المجال للدول القادرة على ذلك إلى التعاون مع الحكومة الاتحادية المؤقتة في الصومال لدخول المياه الإقليمية، واستخدام «جميع الوسائل اللازمة» لقمع أعمال القرصنة والسرقة المسلحة في البحار. وإذا كانت القرارات الأممية الصادرة من مجلس الأمن والخاصة بتشريع عملية مكافحة القرصنة استندت بشكل أساسي إلى الاتفاقيات الدولية بشأن أعالي البحار (إتفاقية جنيف لعام 1958- واتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار لعام 1982)، فإننا نجد ماتقوم به ميليشيات الحوثي والمخلوع من تهديدات للملاحة الدولية تجعل عملية مواجهة هذه التهديدات مسؤلية دولية بذات القدر من الأهمية التي حركت المجتمع الدولي لمواجهة عمليات القرصنة البحرية من قبل القراصنة الصوماليين. ويكتسب مضيق باب المندب أهمية استراتيجية كونه يمثل أقصر الطرق الموصلة بين الدول لمرور الصادرات والواردات، ويمثل الشريان الرئيس لأسياب النفط من دول الخليج إلى أوروبا، حيث تبلغ المسافة من مضيق جبل طارق إلى مضيق باب المندب حوالي 6500 كم، بينما تصل المسافة بينهما عن طريق رأس الرجاء الصالح حوالي 19 ألف كم؛ أي ثلاثة أضعاف المسافة، مما يوفر 59–17 % من المسافة، وحوالي 70– 50 % من الوقود للسفن المارة بالبحر الأحمر. رسالة الحكومة للتحالف الحكومة اليمنية خاطبت الأسبوع الماضي، التحالف العربي بإغلاق المياه اليمنية أمام السفن غير المصرح لها بالعبور ورفع شكوى إلى مجلس الأمن حول التدخلات الإيرانية في اليمن وتهريبها للسلاح عبر البحر للميليشيات والقيام بأنشطة تجسسية ودخول للسفن الإيرانية إلى المياه اليمنية بطرق مختلفة وبشكل مخالف للقوانين المنظمة. وكان المتحدث بإسم التحالف العربي اللواء أحمد عسيري أكد في تصريح صحفي عقب استهداف السفينة الإماراتية سويفت أن مسؤولية حماية الملاحة الدولية في باب المندب ليست مهمة التحالف منفردا، بل مسؤولية دولية تقع على عاتق المجتمع الدولي لما يمثله باب المندب كممر دولي من أهمية كبيرة. ويأتي التحرك الحكومي اليمني وماطرحه اللواء عسيري ليرسم ملامح خريطة تحرك دولي تتطلبه الحالة الراهنة في باب المندب، سواء كان هذا التحرك عبر القوات المشتركة التي تحملت مهام مواجهة القرصنة وعبر تفويض قانوني جديد من مجلس الأمن أو عبر تشكيل قوة عسكرية جديدة وبغطاء قانوني مماثل لما حصل في الصومال حين فشلت الدولة المفككة في احتواء عمليات القرصنة بالإجراءات المحلية. وإذا كانت أعمال تنظيم القاعدة قد اختفت من سواحل اليمن، فإن ماتقوم به ميليشيا الإرهاب الحوثية الانقلابية تشكل نسخة جديدة أكثر خطورة، فالإرهاب لايجب أن يواجه من التحالف العربي أو الجيش الوطني بل المسؤولية هي دولية وكما تحرك العالم لتشكيل التحالفات لمواجهة القاعدة وداعش في أفغانستان والعراق وكل المناطق فيجب ان يتشكل تحالف دولي لوقف تمدد إيران ووقف عبثها بأمن المنطقة.