بين يوم وآخر تُعرض أفلام تَدعي أنها وثائقية تحوي مشاهد مؤثرة تختلط فيها صور سلاح ودماء وتسمع صوت صراخ ونداءات استغاثة، وكلمات شكوى من ظلم واستبداد، كان آخرها فيلم ختم آخره بهذه العبارة: هذه ليست داعش، هذه حليفتنا السعودية! قبل أسبوعين، نشرت صحيفة نيويورك تايمز -المقربة من البيت الأبيض- مقالا لوزير الخارجية الإيراني حمل عنوانا استفزازيا (لنخلص العالم من الوهابية)، وتحته ترى صورة أكثر استفزازا لعلم أخضر يحوي سيفا وبندقية! وزير هذه الدولة أصبح يتحدث بصيغة (الناصح) المحب المشفق على العالم لكي يقفوا صفا واحدا ليتخلصوا من الشر الذي تنتهجه السعودية على حد قوله! وهو في هذا المقال يستخدم العديد من المصطلحات التي يرجو من ورائها أن يكسب تعاطف الغرب، وبين سطرٍ وآخر يعود إلى أحداث سبتمبر، وقد ساق الكثير من الكلمات والهجوم السافر الذي لا يقره مراقب منصف، وكأنه يعتمد مقال عرّاب الدعاية الألماني غوبلز«اكذب اكذب حتى يصدقك العالم». هذه الأيام تتعرض المملكة لأعنف حملة إعلامية غربية، تهدف إلى تصويرها ذلك العدو الذي يدعي التحالف وهو الممول والقائد للإرهاب الذي يستهدف الحضارة الغربية. وقد وجدت مثل هذه الافتراءات المتوالية وبأشكالها المختلفة من الإعلاميين الغربيين من أخذ يكتب حول ذلك متدخلا في تفاصيل الشأن الداخلي السعودي معمما حالات استثنائية ومجتزئا الحقائق ويتعامل مع ذلك بانتقائية. يقول يوهان غالتونج الحائز على جائزة نوبل في مجالات أبحاث السلام «إني أرى هجمةً إعلامية مسعورة ضد السعودية». ولست هنا لأنحى منحى الكتابة السياسية، وإنما أقول وبحق إن الهجوم على المملكة يطال دول الخليج بالدرجة الأولى، ولن يكون آخر الهجوم ما أقره الكونجرس بحق مطالبة أهالي ضحايا 11 سبتمبر، السعودية، بالتعويضات في سابقة غير معهودة في العرف الدولي، والتعدي الصريح على هيبة الدول ومبدأ الحصانة السيادية. إني لأشعر بأننا إلى الآن قد فشلنا إعلاميا وبصورة واضحة، فإعلامنا «في مجمله ارتجالي يعتمد على ردات الفعل والفوران الورقي للتعامل مع الأحداث، لذلك تأتي أطروحاته متشنجة قائمة على التبرير والوقوع في شرك موقف المتهم الذي يحاول إثبات براءته». الحاجة ملحة لعملٍ إعلامي أكثر جدية، مخطط وممنهج للمواجهة وبصدق لهذه الحملة التي قلبت العالم علينا بالحبر والمايكرفون. إن التواجد هناك وحده لا يكفي وكذلك الفعاليات والمبادرات السخية التي نقوم بها بحسن نية، ولنعلم بأن الذئاب عندما ترقص فلن يوقفها سوى أسد حازم.