منذ عدة سنوات ووزارة العمل تواجه شكاوى متزايدة من رجال الأعمال حول تجاهلهم وعدم تمثيلهم بصورة تنسجم مع اختلاف ظروفهم ومناطقهم في آلية صناعة القرارات، وما ترتب على ذلك من دفعهم ضريبة الاستعجال في بعض القرارات خاصة تلك التي تتعلق بإدارة ملف السعودة، فهل حلّت «بوابة معاً» المشكلة؟ مع تزايد الضغوط التي واجهت تطبيق برنامج نطاقات في نسخه المتتالية، والقرارات الأخرى ذات العلاقة، لجأت الوزارة لإنشاء منصة إلكترونية وطنية تُمكن القطاع الخاص من التصويت على القرارات التي تنوي إصدارها قبل تفعيلها مباشرة لتلقي الاعتراضات أو المقترحات بشأنها من ممثلين للقطاع الخاص السعودي. «بوابة معا» للقرارات الإلكترونية من وجهة نظري كمراقب إعلامي وخبير في مجال العلاقات العامة تصرّف محمود للحصول على رد فعل المستهدفين بالقرار قبل صدوره من خلال منصة متخصصة بعيداً عن ضوضاء طلب المشاركات في شبكات التواصل الإلكترونية التي لا تنسجم بطبيعتها المفتوحة مع غرض الوزارة. قرار الوزارة حضاري بلا شك، لكنه يحتاج إلى مرحلة جديدة تتناسب مع المرحلة المختلفة التي تعيشها المملكة ورؤيتها الجديدة الأكثر انفتاحاً، وأكثر مناسبة للتقدم الذي طرأ على وسائل التواصل وإدارة برامج العلاقات العامة باستخدام المنصات الإلكترونية والقائمة بشكل كبير على تفاعل المستفيدين بصورة متوازنة. من الجميل أن تتيح الوزارة آلية لمشاركة بعض المؤمنين بأن أصواتهم تُؤخذ بعين الاعتبار في التصويت على القرارات شبه النهائية قبل توزيعها، لكن من الأجمل أن تنشر الوزارة بكل شفافية أصوات المشاركين في التصويت، عددهم وأصواتهم ومقترحاتهم ومن أين أتت هذه الأصوات وجنسيات المشاركين. من المؤكد أن مشاركة القطاع الخاص تثري القرارات لكن هذه المشاركة ستكون أكثر من حيث العدد والفاعلية إذا ما نُشرت مقرونة بأسماء المنظمات التي صوّتت عليها، والقطاع الذي تنتمي إليه، وحجم المنشآت المشاركة، ليكون أمام الباحثين فرصة لتحليل الأثر المتوقع لقرارات الوزارة على القطاع الخاص في الفترة المقبلة. لا يشك أحد في أن إتاحة التصويت على القرارات أفضل من إصدارها من طرف واحد، لكن المؤكد أن المرحلة الحالية التي تشهد تطبيق قرارات تمس وجود القطاع الخاص، تحتاج إلى تطوير منصة «بوابة معاً» لتكون قابلة للتواصل بين منشآت القطاع الخاص بصورة مستقلة لتقدم مبادرات وتوصيات وصيغ قرارات من واقع عملها اليومي ومعاصرتها لمشكلات سوق العمل. في نظري، التعقيدات التي يمر بها المجتمع والقطاع الخاص هذه الأيام تتطلب منصة إلكترونية أكثر سخونة وآنية، وأكثر قبولاً لآلية جديدة في صنع القرار مبنية على تجارب منظمات القطاع الخاص نفسها وقدرتها على إبراز حلول عملية لمشكلاتها والتحديات التي من المنتظر أن تواجهها قريباً. أمر آخر لا بد أن تستوعبه منصة وزارة العمل الإلكترونية وهو وجود تمثيل للسعوديين والسعوديات، وعلى أقل تقدير طلاب وطالبات الجامعات الذين يمثلون عند تخرجهم الغالبية العظمى من نسب البطالة في المملكة، وبمعنى آخر، ألم يحن الوقت لهؤلاء أن يُشركوا في صناعة قرارات مصيرية كسعودة الوظائف؟. هذه المنصة تحتاج لتطوير بصورة جادة لتكون ممثلة لكافة فئات المجتمع وخاصة تلك التي تعمل أو من المنتظر أن تعمل في القطاع الخاص للوصول إلى حقيقة ما يُريد كلٌ من المستثمرين وقوة العمل في المملكة بصورة متطورة تُناسب تطلعات المملكة في تحقيق تجربة نهضوية طموح. من وجهة نظري لا بد لوزارة العمل أن تستثمر بصورة حيوية في إدارة الاتصال المؤسسي مع المستفيدين بصورة محترفة لتحقيق أهداف كثيرة من بينها جمع الأطراف المختلفة حول هدف معين هو إيجاد حلول مستدامة لمشكلة البطالة وكذلك العوائق التي تمثل تحدياً لمصير القطاع الخاص السعودي.