لا أحد يستطيع أن ينكر تأثير وسائط التواصل الاجتماعي على الثقافة السائدة وعلى طريقة تواصل الناس مع بعضهم البعض ومع المسؤولين عن حاجاتهم في القطاع العام أو الخاص. هذا التأثير قد يختلف حجمه من شخص لآخر ومن جهة لأخرى، إلا أنه يبقى ذا أثر لم يكن موجودا قبل سنين قلائل. لقد لاحظ الكثير من المسؤولين في القطاع الحكومي ما لهذا الاسلوب من أثر كبير في التأثير على قناعات الناس وعلى نوع المعلومات التي تصلهم، خاصة من خلال أكثر هذه الوسائل تأثيرا «تويتر»، فهرعت معظم الوزارات والجهات الحكومية الأخرى إلى إيجاد حسابات لها في هذه المنصة، إلا أن ما يثير الاستغراب هو أن آخر تلك الوزارات التي انضمت هي وزارة «الاعلام»!!. في كثير من الأحيان استخدمت الوزارات هذه الوسيلة للإعلان عما تراه إنجازات يجب إطلاع المواطنين والمقيمين عليها، فلم تدع شاردة ولا واردة من أعمالها اليومية إلا ونشرته على صفحات موقعها، فأصبح المسؤولون لديها يتسابقون على إخراج صورهم للملأ وهم يقومون ببعض مهامهم، سواء كان ذلك خلال زيارات تفقدية أو من خلال مشاركاتهم في ندوات واجتماعات داخلية وخارجية. لقد غاب عن كثير من القائمين على تلك المواقع للوزارات، أن وسائل التواصل الاجتماعي، الهدف منها «التواصل» الذي يفترض أن تكون هذه الوسائل أدوات لتحقيقه بين المواطن والمسؤول، إلا أن ما نراه الآن في الغالبية العظمى من هذه المواقع الحكومية لا يعطي لهذا الجانب أي اهتمام، على الرغم من أن بعضها خُصص له ملايين الريالات وتم التعاقد مع شركات إعلامية لإدارته، ولكن النتيجة لم تتعد ردودا مبرمجة مسبقا وأخبارا لا ترقى إلى أن تكون جزءا من صحيفة حائط. البعض الآخر من الوزارات قرر إلغاء منصب المتحدث الرسمي بعدما تم الإعلان عنه في موقعهم على «تويتر» وتحاول الوزارة توجيه الناس إلى إرسال استفساراتهم وشكاواهم إلى الموقع الرسمي الذي لا يُعرف من وراءه، وغالبا ما تذهب الاستفسارات أدراج الرياح دون رد من أحد. لكي يمكن قياس نجاح أي عمل ما، فلا بد من تحديد النتائج المستهدفة أولا ثم قياس ما تم تحقيقه منها. الوزارات لم تعلن عن أهدافها من مواقعها ولا عن النتائج التي حصلت عليها ولا عن خطتها للتواصل مع المواطنين. إذا كان الهدف من وراء هذه المواقع هو تلميع صورة المسؤولين وملء فراغاتها بأخبار لا تسمن ولا تغني من جوع، فالأفضل توفير المبالغ الطائلة التي تصرف عليها وتوجيهها لما يعود بالنفع على المجتمع. من خلال متابعتي الشخصية لمواقع الوزارات على «تويتر»، لم أجد موقعا واحدا يمكن أن نستخدمه كمثال يحتذى به، ولكن بعضها قد يكون أسوأ من غيره في نوع المعلومات المعروضة ومدى تجاهله لاستفسارات المواطنين وشكاواهم.