كان طلباً مخزياً ذلك الذي طلبته من صديقتي المتجهة لأداء العمرة حين اتصلت بي لتسألني إن كنت أحتاج شيئاً من هناك غير الدعوات، كنت مترددة في البدء لكنني تجرأت وأخبرتها بأن طلبي هو من ابنتها «مريم» التي سترافقها خاصة أنها أصبحت كثيرة الشكوى منها ومن انشغالها طوال الأيام الماضية باللعبة الشهيرة «بوكيمون جو Pokémon Go». في الحقيقة أردت من «مريم» أن تتأكد من وجود «بوكيمونات» فعلاً في رحاب الحرم الشريف كما أشيع سابقاً، وكما قرأت تقرير صحيفة «عين اليوم» السعودية التي أوضحت فيه عن وصول القتال بين شخصيات هذه اللعبة إلى أطهر الأراضي لدى المسلمين في العالم. حيث قالت الصحيفة: إن فريقها رصد خلال زيارته لمكة المكرمة وجود إحدى ساحات قتال البوكيمون فوق الكعبة المشرفة، فيما لاحظ بالقرب من المطاف تواجد نحو 5 لاعبين مع تزايد أعدادهم وتغيرهم بشكل دوري. أما نقاط الهدايا وتجميع البوكيمون فتتواجد أمام بوابات الحرم المكي. بالطبع من سيقرأ مثل هذه الأخبار خاصة ممن يجهلون محتواها سيظنون بأن شركة «نينتندو» التي صمّمت اللعبة لها مقاصد ومؤامرات ضدّ الاسلام والمسلمين وانتهاك حرمة المساجد والمدن المقدسة، وفي الواقع أنها مجرّد لعبة تدمج بين الرسوم المتحركة، والعالم الحقيقي، وخدمة خرائط جوجل، ولهذا فهي تتواجد في أكثر الأماكن التي يرتادها المستخدمون، مما جعل العديد من المحلات التجارية في أمريكا تستغل الانتشار الخيالي لهذه اللعبة لزيادة دخلهم عن طريق شراء تطبيق خاص يسمى «وحدة إغراء» يقوم بجذب مجموعة بوكيمونات إلى موقع محدد لمدة 30 دقيقة. مما يدفع اللاعبين للتوجّه إلى ذلك الموقع تحديداً لاصطياد أكبر عدد ممكن من البوكيمونات. بينما تكمن صعوبة اللعبة في أن البوكيمون قد يتواجد في أماكن غريبة أو مواقع لا يحق للمستخدم دخولها كالمنشآت الخاصة أو العسكرية مثلا، وهذا ما شاهدناه في مقطع «جون كيربي» المتحدث باسم الخارجية الأمريكية والذي قطع كلمته عن «داعش» أثناء المؤتمر الصحفي قبل أيام ليسأل مراسلاً صحفياً إن كان يلعب البوكيمون في هذه اللحظة، وهل اصطاده أم لا. رغم أنني لم أقم بتحميل تطبيق اللعبة بعد، لكنه من المؤسف بالطبع أن يكون هذا هو نوعية الطلب الذي تفاجأت به صديقتي لكنه لم يفاجئ ابنتها التي اعتبرته أمراً طبيعياً بحكم هوسها باللعبة ومعرفتها بالمهووسين مثلها، ولكن رغبتي في التأكد قبل كتابة هذا المقال هو ما جعلني أتجرأ بهذا الطلب، الذي أسفر عن اصطياد «مريم» لثلاث بوكيمونات قبل بدئها بشعائر الطواف مباشرة. ولا أعلم إن كان موسم الحج القادم سيكون ساحة قتال جاذبة للمهووسين الجدد، أو ساحة للعبادة وتعطيل اللعبة لحين الانتهاء من أداء الفريضة.