كانت مكاسب الإنتاجية هي المحرك الرئيسي لارتفاع مستويات المعيشة في أكثر من بلد بعد آخر. وكانت هذه هي الحال في اليابان أيضا، لكن نمو الإنتاجية المذهل في عدد قليل من الصناعات الرئيسية في فترة السبعينيات والثمانينيات فشل في الانتشار ليصل إلى بقية أجزاء الاقتصاد وبالتالي تباطأ حتى كاد يتوقف في تلك الصناعات. في تقرير نشر العام الماضي، وجد معهد ماكينزي أن «نمو الإنتاجية تآكل وباطراد في كل قطاع تقريبا، بما في ذلك قطاع الصناعات التحويلية المتقدمة والمرموقة في اليابان». أما الحواجز التنظيمية التي تثبط التنافس، والشركات المتعثرة وانقسامات التكتلات الكبيرة التي «بقيت على قيد الحياة لمصلحة تحقيق الاستقرار» فتعمل جميعها على خفض الإنتاجية. الأمر الذي يعيدنا مرة أخرى إلى الصين. هنالك بعض الشركات في الصين تنعم بإنتاجية تصل إلى مستوى البلدان الغنية، وكثير من الشركات التي تتخلف بشكل عجيب. لكن الشركات المتفوقة والمتخلفة لا تركز على صناعات محددة كما هي الحال في اليابان. أرسل جوناثان ووتزل، وهو شريك أول في معهد ماكينزي في مقره في شنغهاي وعضو في مجلس إدارة إم جي آي، الذي عمل في إعداد كل من تقرير الإنتاجية في الصين وتقرير اليابان في العام 2015، رسالة عبر البريد الإلكتروني، قال فيها: «في كل قطاع، شركات متفوقة تحقق قدرة تنافسية عالمية ومع ذلك هنالك أيضا شركات متخلفة». يعتقد ووتزل بأن هذا دلالة على أن الصين ربما تجد أن رفع الإنتاجية أسهل عليها من اليابان. وكل ما ستحتاجه هو المزيد من الشركات التي تحاكي الشركات الرائدة في الصناعات من خلال التحويل الرقمي والعولمة والإنتاج المنضبط والأتمتة - وربما حتى بعض الأشياء الأخرى إضافة إلى ما سبق. ما الذي يمكن أن يحول دون حصول ذلك؟ حسنا، بنوك الصين أبقت كثيرا من الشركات المتخلفة في مجال الإنتاجية على قيد الحياة من خلال الاستمرار في تقديم القروض لها. وحكومة الصين هي من يسيطر على أكبر البنوك، بالإضافة إلى الكثير من الشركات ذات الإنتاجية المنخفضة التي تقدم لها القروض. في الواقع تحدث الرئيس الصيني تشي جين بينج حول إصلاح تلك الشركات المملوكة للدولة هذا الأسبوع. وقد جعل التقرير الذي صدر باللغة الإنجليزية عن وكالة الأنباء شينخوا الأمر يبدو نوعا ما وكأنه كان يقرأ الدراسة التي أجراها معهد ماكينزي: «حث الرئيس تشي السلطات على الاستمرار في تعميق عمليات إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، مع التركيز على إنشاء نظام إدراة حديث للشركات. وينبغي بذل المزيد من الجهود لتعزيز التعديل الهيكلي الصناعي والتطور الذي يحركه الإبداع، ما يسمح للشركات المملوكة للدولة بأن تلعب دورا قياديا رائدا في عمليات الإصلاح الهيكلية للدولة على جانب العرض، كما صرح الرئيس تشي في الاجتماع.» لكن أشار خبيرا الاقتصاد توم أورليك وفيلدينج تشين من بلومبيرج في مذكرة لهما إلى أن الرئيس تشي دعا أيضا إلى وجود شركات مملوكة للدولة «أقوى وأفضل وأكبر» كانت واقعة وبشكل أوثق تحت سيطرة الحزب الشيوعي. وهما يجادلان بأن تلك الأولويات يمكن أن تقف في طريق الإصلاح والنمو الاقتصادي. نوعا ما، يبدو قادة الصين أكثر استعدادا من قادة اليابان لقبول الاضطرابات التي غالبا ما تجلب معها مكاسب في الإنتاجية. لكن لا يرغبون في التخلي عن السلطة وإعطائها للاقتصاد. وهذا ربما هو ما يحول دون أن تتمكن الصين من تحقيق فرصتها التي تبلغ قيمتها 5 تريليونات دولار.