مما لا شك فيه أن استضافة الصين لمنتدى آسيا - المحيط الهادئ للتعاون الاقتصادي، الذي انتهى بالأمس في بكين، سوف تعتبر نجاحا باهرا. كان هنالك الإعلان المعتاد عن الأهداف المشتركة والشراكة الاستراتيجية بين الدول المشاركة ال 21 بما فيها روسيا وفيتنام واليابان والمكسيك وتشيلي وأستراليا. احتل كل من الرئيس باراك أوباما وتشي جين بينج العناوين الرئيسية في الصحف العالمية خلال إعلانهما عن خطط لتخفيض انبعاثات الكربون في اثنين من أكبر الاقتصادات في العالم. قال أوباما في مؤتمر صحفي مع الرئيس تشي في بكين: «يعد هذا معلما بارزا في علاقة الصين بالولايات المتحدة». وقال أيضا إن الخطة تعتبر هدفا طموحا ولكنه قابل للتحقيق. ولكن السؤال الهام، الذي يعتبر أحد أهم الأسئلة ليس فقط للولايات المتحدة بل لاقتصاد العالم، لم تتم الإجابة عليه خلال كل تلك اللقاءات. ببساطة، هل لا يزال قادة الصين جادين حول تنفيذ الإصلاحات الاجتماعية والمالية والتمويلية القائمة والتي تم الإعلان عنها في نوفمبر الماضي؟ وكم هي درجة قابلية التطبيق لخارطة الطريق التي تعهدوا بها قبل عام مضى؟ خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقد مع الرئيس تشي، أشار أوباما إلى وعود الإصلاح الرئيسية التي تم قطعها خلال الجلسة المكتملة الثالثة للحزب العام الماضي والتي تسمح للسوق بلعب دور حاسم في الاقتصاد الصيني. قال الرئيس الأمريكي: «نرحب بالإصلاحات التي تمت مناقشتها هنا والتي يمكن أن تمنح السوق دورا محددا في الاقتصاد الصيني». بالنسبة لأوباما والشركات الأمريكية، ناهيك عن نظيراتها في العديد من الدول الأخرى، الأمل هو أن الصين ستبدأ بتفكيك الامتيازات التي لا تزال تمنح للشركات المملوكة للحكومة بقوة. هذا يشمل سهولة الوصول إلى التمويل وضمان السيطرة أو التحكم ببعض الأسواق. خلال المحادثات مع الرئيس تشي، يقول أوباما إنه «يؤكد بالفعل على الحاجة إلى تكافؤ الفرص بحيث تستطيع الشركات الأجنبية التنافس إلى حد ما بما في ذلك ضد الشركات الصينية المملوكة للدولة». حتى الآن لا توجد أدلة تذكر على حدوث تقدم على هذا الصعيد. «يبقى الأمر صحيحا من الناحية السياسية أن تقوم بإقراض الشركات المملوكة للدولة حتى لو أنها ليست بتلك الجدارة الائتمانية» بحسب ما قال ديفيد هوفمان، العضو المنتدب للصين خلال مؤتمر المجلس والذي شارك في تأليف تقرير صدر مؤخرا، بعنوان «الهبوط الطويل اللين في النمو الصيني: واقع الأعمال التجارية، والمخاطر والفرص». أضاف هوفمان: «تعتبر كل الإصلاحات اللازمة صعبة سياسيا لأنها تتضمن تغييرا لتركيبة السلطة، وتلك التغييرات الهيكلية تكون صعبة في أي مكان». في استبيان شارك فيه 15 اقتصاديا أدارته بلومبيرج، أظهر نجاحاً محدوداً في تنفيذ الإصلاحات التي تعهد بها الزعماء الصينيون. وفي حين أن الحكومة الصينية بصورة إجمالية حصلت على علامة «مقبول» عن التقدم في برنامج السياسة الذي أعلن عنه الرئيس تشي جين بينج في السنة الماضية، إلا أنها حصلت على درجات أدنى بخصوص الإجراءات الأخرى. وحين سئلوا عن تقييم التقدم في مجال إصلاح وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، حصلت الصين على درجة أقل من مقبول (بمعنى أنها تخلفت عن التوقعات). هناك أيضاً نتائج أقل من عادية في عدة مجالات: مثل تطبيق الإصلاحات المهمة للغاية في مجال ملكية الأراضي، والتي يقصد منها إعطاء المزارعين المزيد من حقوق الملكية على حقولهم والدفع نحو التحرير المالي من خلال تحرير اليوان والسماح للبنوك بحرية أكبر للحركة من أجل تحديد أسعار الفائدة السوقية. وكلاهما حصل على درجة أقل من مقبول. المجال الذي حققت فيه الصين تقدما فعليا هو في تنفيذ الإصلاحات في المالية العامة، بما في ذلك السماح للحكومات المحلية بالمزيد من الحرية في إصدار السندات (وهي درجة جيد جدا الوحيدة في الاستبيان). وفيما يتعلق بحماية البيئة، والسياسة السكانية، والتغيرات في عمليات تسجيل الأسر، قال الاقتصاديون إن الصين كانت في مستوى التوقعات.