تتشارك معظم أجهزة الكشف عن المعادن في الصين في سمة غريبة هي أن صوت التنبيه يستمر مهما حصل. يمكن أن تكون قد أخرجتَ آخر قطعة معدنية لديك في جيبك، ومع ذلك يظل الصوت موجودا، ومن ثم هنالك عادة شابتان تنتظران تفتيشك من خلال أجهزة الكشف المحمولة باليد والتي تبدو أنها تؤدي عملها على الوجه الصحيح. بعد العديد من التجارب المتعلقة بهذا الإجراء، قمت بتطوير نظرية تنص على أن الأجهزة عديمة الفائدة التي تستخدم للكشف عن المعادن هي جزء من خطة واسعة للحفاظ على الوظائف، أي أنها مؤشر على عدم رغبة الحكومة الصينية في أن تتحمل تسريح الناس من وظائفهم في سبيل تحقيق الكفاءة. ومن ثم، التحقت برحلة جوية في المبنى رقم 3 الجديد في مطار بكين، وقمت بإفراغ جيوبي كما طُلب مني قبل اجتياز جهاز الكشف، ولم ينقطع صوت التنبيه، كانت هنالك امرأة واحدة فقط تنتظر على الجانب الآخر وتحمل جهاز كشف بيدها، ولوحت لي لكي أمر. لذلك ربما ليست هنالك خطة ضخمة للحفاظ على الوظائف، ربما أن الأمر أنهم اعتادوا فقط على صنع أجهزة سيئة للكشف عن المعادن في الصين، والآن أصبح الوضع أفضل. سوف أعتبر ذلك كدلالة على أن الصين ربما تكون قادرة على الاستفادة مما أطلق عليه معهد ماكينزي العالمي عبارة «فرصة الصين لتحقيق إنتاجية بقيمة 5 تريليونات دولار». تبلغ نسبة إنتاجية العمالة في الصين – الناتج لكل ساعة عمل - من 15 إلى 30 بالمائة من المتوسط للبلدان الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (تعرف أيضا بنادي الدول الغنية). يُعد رفع تلك الإنتاجية مصدرا محتملا كبيرا للنمو الاقتصادي، لكنه أيضا يعتبر مصدرا محتملا لتسريح العمال والتغييرات المجتمعية غير المريحة. تقرير معهد ماكينزي حول الصين، الصادر الشهر الماضي، هو التقرير الأحدث في سلسلة من دراسات الإنتاجية التي كانت تجريها شركة إم جي آي، فرع البحوث التابع لماكينزي، منذ أوائل التسعينيات، وقد أظهرت أولى الدراسات أن شركات التصنيع وشركات تزويد الخدمات الألمانية واليابانية هي على العموم أقل إنتاجية بكثير من الشركات الأمريكية. أذكر تلك النتائج المفاجئة وكأنها علامة مبكرة على أن المعجزة الاقتصادية اليابانية، المشوهة بالفعل بسبب الانهيار في سوق الأسهم وسوق العقارات، قد انتهت حقا. (كذلك لم يتمتع الاقتصاد الألماني بالضبط بفترة تسعينيات عظيمة أيضا). نعم، كانت بعض الشركات اليابانية تحقق التفوق العالمي، وكانت الشركات اليابانية أكثر إنتاجية بكثير من الشركات الأمريكية في صناعة السيارات وقطع غيار السيارات وأدوات ولوازم الآلات والإلكترونيات الاستهلاكية والصلب، لكن في الصناعات التي لم تبذل فيها اليابان جهودا لتصبح دولة تصدير قوية، كانت الأمور مختلفة جدا، إليكم ما ذكرته سيلفيا نصار في مقال في صحيفة نيويورك تايمز في العام 1993م: «في اليابان، على سبيل المثال، في قطاعات تصنيع الغذاء المحمية بشكل كبير والمجزأة - والتي توظف عمالا أكثر مما توظف صناعات السيارات والكمبيوتر والإلكترونيات الاستهلاكية وأدوات الآلات مجتمعة - ينتج العامل ما قيمته 39 دولارا من الطعام في الساعة الواحدة، مقارنة مع نظيره الأمريكي الذي ينتج ما قيمته 119 دولارا».