نضحي بأرواحنا ولا يمس شبر من وطننا أرض الحرمين الشريفين. أرواحنا رخيصة نبذلها في سبيل الله وطاعة لولاة أمرنا لنحفظ أمن وطننا الحبيب وأهلنا. كونوا آمنين مطمئنين سنردع بحول الله أي عدو تسول له نفسه المساس بالوطن. لا نريد منكم إلا الدعاء، أرواحنا وكل ما نملك فداء للوطن. كانت تلك بعضا من عبارات جنودنا البواسل المرابطين في الحد الجنوبي على اختلاف مواقعهم ورتبهم قالوها في عدة مناسبات ولقاءات تحدثوا فيها وقليلا ما يتحدثون، فأفعالهم ومواقفهم هي التي تتحدث بلا شك، ولكنهم قالوا تلك العبارات بكل محبة وانتماء وتضحية وشجاعة وفداء حينما تم اللقاء بهم، وحتى لو لم تنقلها وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي أو أن أنقلها أنا لكم في هذا المقال، فيكفي ما نشعر به في وطننا الكبير من أمن وأمان بفضل الله على كل شبر من أرض وطننا بطوله وعرضه وفي جميع أرجائه دون أن نشعر بذرة من خوف أو تهديد، تسير حياتنا الطبيعية وأمورنا المعيشية على خير ما يرام بفضل الله ثم بعزيمة أولئك الرجال الأفذاذ الصامدين على الحدود. انقضى شهر رمضان المبارك، وكان الجميع يقومون فيه بأعمالهم الاعتيادية ويهنأون بالراحة التامة والكاملة في منازلهم وفي جميع شؤونهم، يتناولون طعام إفطارهم بين أهليهم وأحبابهم في سعادة ورضا، ويؤدون عباداتهم بكل يسر وسهولة، ويسرون بزياراتهم لأقاربهم وأصدقائهم ويتجولون في الأسواق ويتنزهون، يقومون بذلك كله بسرور وحبور ودون أدنى حذر أو توجس. يحدث ذلك كله في الوقت، الذي تمر الثواني والدقائق والساعات والأيام وجنودنا هناك على الحدود يقفون بكل حزم لا يغمض لهم جفن ولا ترف لهم عين على مدرعاتهم ودباباتهم وآلياتهم العسكرية، وفي مواقعهم على قمم الجبال وفي سفوح الأودية في البر والبحر والسماء يتناوبون في أداء صلواتهم وإفطارهم، الذي يتناولونه على عجل ثم يعود كل إلى موقعه بكل شجاعة وكفاءة، فرسان بالنهار وبالليل رجال يحرسون هذا الوطن من كل معتد أثيم، عيونهم باتت تحرس في سبيل الله، فاللهم اجعلها واجعلهم ممن لا تمسها أو تمسهم النار. ويأتي العيد فتنهال التهاني والتبريكات وتنثال أجواء الفرح في كل مكان، يلبس الناس الجديد، ويجتمعون في مصليات العيد ثم يتزاورون ويتبادلون أطراف الحديث ويضحكون ويتشاركون في الولائم والمناسبات والاحتفالات، وينقلون أطفالهم في أمسيات العيد إلى مراكز الألعاب والترفيه، الجميع يعيشون السعادة الغامرة مع أسرهم وبين أحبابهم. هذه الحالة من الفرحة الموسمية بالعيد لم تكن لتتحقق لولا توفيق الله، ثم مقدار الأمن الوارف، الذي يظلل الوطن، يحدث كل هذا الفرح وجنودنا الذين يضحون بأرواحهم في مواقعهم سعادتهم وفرحهم وعيدهم ألا يمس شبر من تراب وطننا الغالي وألا يصاب فرد من أبناء مملكتنا الحبيبة بأي مكروه. أي تضحية وأي محبة وأي انتماء وأي إيثار أكبر مما يبذله جنودنا الصامدون هناك على الحدود لأجل وطننا الأبي وأهله. كل بطاقات العيد وفرحته لكم ولكل فرد منكم جنودنا الغالين، بطاقات مكللة بالحب والامتنان والعرفان ومفعمة بصادق الدعوات لكم بأن يحفظكم المولى وينصركم نصراً مؤزراً ويعلي منازلكم في الدنيا والآخرة على ما قدمتموه وتقدمونه لوطنكم أقدس وأغلى وطن ولولاة أمركم وأهلكم، ولهذه الأرض الطيبة المباركة أرض الحرمين الشريفين فأكرم بها من مهمة وأنعم بكم من رجال.