? ? ثقافة المجتمع تنتقل لجوانب عديدة في الحياة، تؤثر على السياسة والرياضة والعادات والتقاليد، وحتى طريقة التفكير، ويبدو أن طريقة تفكير الألمان في عالم كرة القدم، لا تتأثر بالعاطفة، فهي عقلانية وواقعية. ? ? في ألمانيا.. الإنسان مبرمج على الصناعة والدقة والتركيز، وقريب جدا من الآلة التي تعمل وفق منهج واضح، لذلك لم تأخذ الرأفة مكانا في قلوب لاعبيهم، وهم يدكون شباك المنافسين بالأهداف، ويرون حرقة ودموع جماهيرهم في المدرجات، وتظل أقدامهم ورؤوسهم تعمل حتى آخر رمق من المباراة. ? ? على مستوى المنتخبات المتواجدة في يورو 2016، يعتبر المنتخب الألماني تاريخياً الأقل تغييرا في المدربين، بل إن المدرب الذي يصل لمحطة تدريب الماكينات (يعمر) لسنوات، بغض النظر عن الإنجازات والإخفاقات. ? ? إحدى صور تلك العقلانية والواقعية، هي المعادلة التي تضم في طرفيها المدرب لوف والنجم مولر، فالعاطفة ليست منهجا عند الألمان، ومصلحة الفريق لا مصلحة الفرد هي التي تغلب على حساب المجموع. ? ? المنتخب الوحيد في العالم، وكذلك الجمهور الوحيد في العالم، وأيضا الإعلام الوحيد في العالم، الذي لا يجعل المدرب كبش فداء في خسائره أو اخفاقاته، هم الألمان. ? ? لوف المدرب الحالي، كان مساعدا لزميله كلينسمان في 2006م، وبعد استقالة الأخير، استلم زمام الأمور، وخسر يورو 2008 وكأس العالم 2010 ويورو 2012، ومع ذلك لم تحدث هزة في الأوساط الرياضية في ألمانيا، وكان هناك عمل وتخطيط وإيمان من الجميع بأن البناء يسير في الطريق الصحيح، حتى وإن خالفت النتائج ما يخطط له، وليحالفه الصواب في الفوز بكأس العالم 2014 على حساب الارجنتين. ? ? ولو حدثت تلك المعادلة في منتخب آخر عالمي، حتى ولو كان أوروبيا، لقامت الدنيا ولم تقعد، أما لو حدثت هذه المعادلة في منتخبات أمريكا اللاتينية فلربما طالب الجمهور والإعلام برأس المدرب. ? ? أعود لاستقرار المدربين في المنتخب الألماني، وأترك لكم هذه الإحصائيات التي تشير إلى أن عشرة مدربين فقط أشرفوا على منتخبهم عبر التاريخ الكروي الألماني، وهم: أوتو نيرز (1926-1936) 10سنوات، وسيب هيربرجر (1938-1962) 24 سنة، وهيلموت شون (1964-1978) 14سنة، ويوب ديرفال (1978-1984) 6 سنوات، وفرانتس بكنباور (1984 – 1990) 6 سنوات، بيرتي فوجتس(1990-1998) 8 سنوات، وإريك ريبيك (1998-2000) سنتان، ورودي فولر (1999-2004) 5 سنوات، ويورجن كلينسمان (2004-2006) سنتان، ويواخيم لوف (منذ2006) 8 سنوات. ? ? تغيرات كثيرة واحداث متسارعة شهدتها بطولة اليورو جعلتني أطرح تساؤلات عديدة أهمها كيف يفكرون رياضياً ؟ وما هي المعايير التي يعتمدون عليها في بناء قراراتهم ؟ ولماذا نراهم بالتحديد يتقدمون، لماذا مثل تلك الصلاحيات في متناول أيديهم فقط ؟. ? ? المنتخب الالماني سيواجه نظيره السلوفاكي اليوم في دور ال 16 بالبطولة الاوروبية، وكل هدفه تخطي عناد السلوفاك رغم معرفته المسبقة بما ينتظره في ربع النهائي، حيث سيصطدم بالفائز من اسبانيا وايطاليا، لكن المنتخبات الاوروبية الكبيرة لا تفكر بما هو آت قبل تخطي اللحظة الآنية، ولن يكون بال لوف مشغولاً أكثر من تخطي سلوفاكيا في موقعة ثمن النهائي.