بعد أربع سنوات من إسناد المهمة إليه، يجني المنتخب الألماني لكرة القدم حالياً حصاد فلسفة اللعب الواضحة لمديره الفني يواكيم لوف الذي يركز دائماً على عنصري الحركة والسرعة لدى لاعبيه. وتحمل العروض القوية التي قدمها المنتخب الألماني في جنوب أفريقيا توقيع مدرب خططي ماهر يقدر أهمية الإعداد ومحلل ماكر لنقاط القوة والضعف لدى منافسيه. وقال أسطورة كرة القدم الألماني فرانز بيكنباور "هذا الفريق هو التحفة المتميزة ليواكيم لوف. لقد ترك بصمته على صناعة هذا الفريق وصنع فريقاً متكاملاً.. لم أشاهد، إلا نادراً، هذه البراعة الفائقة في المباريات من فريق ألماني. ربما شاهدت ذلك فقط في السبعينيات وفي المنتخب الألماني الفائز بلقب كأس العالم 1990". وربما كان النجاح الفائق للمنتخب الألماني في المونديال الحالي مفاجأة لكثيرين، ولكنه لم يكن كذلك للمدرب لوف صاحب التصميم القوي. وحتى عندما بدت الأوضاع سيئة، ظل لوف واثقاً من أن كل الأمور ستتحسن في الوقت المناسب. وكان التألق وتقديم مستوى قوي في البطولات الكبيرة من السمات الواضحة والمتكررة للمنتخب الألماني وهو ما يعترف به الجميع بما في ذلك المنافسون. ولكن لوف حقق النجاح هذه المرة بشكل مبتكر وبأسلوب هجومي نجح معه في تغيير فكرة المشجعين عن المنتخب الألماني. وحرص اللاعبون في التدريبات على التأقلم مع أساسيات خطط لوف مما ساعدهم على النجاح في تنفيذها خلال المباريات. ولذلك كانت الأسابيع القليلة التي قضاها لوف مع اللاعبين قبل بداية فعاليات المونديال الحالي في غاية الأهمية كما كان لوف نفسه واثقاً من أن فترة الإعداد ستساعده على أن يخرج من لاعبين مثل ميروسلاف كلوزه ولوكاس بودولسكي أفضل ما لديهم رغم عدم مشاركتهما كثيراً ضمن التشكيل الأساسي لفريقيهما على مدار الموسم الماضي. وحقق لوف، الذي لعب في الماضي للمنتخب الألماني للشباب (تحت 21 عاماً)، بعض النجاح في بداية مسيرته التدريبية من خلال فريق شتوتجارت. كما قاد فريق تيرول للفوز بلقب الدوري النمساوي قبل ثماني سنوات ولكنه لم يستمر طويلاً مع فريقي فناربخشة التركي وأوستريا فيينا النمساوي. وكانت نقطة التحول في مسيرة لوف التدريبية هي تعيين مواطنه يورجن كلينسمان مديراً فنياً للمنتخب الألماني في عام 2004 بهدف إعداد الفريق لمونديال 2006 بألمانيا. وكان كلينسمان بحاجة إلى شخص يمثل دور المرشد والموجه في الجهاز الفني. واتصل كلينسمان هاتفياً بلوف الذي التقى معه في عام 2000 خلال دراسة تدريبية أقيمت في كولونيا. وبعدما ترك كلينسمان تدريب الفريق في أعقاب مونديال 2006، لم يتردد المنتخب الألماني في إسناد المهمة إلى ساعده الأيمن وهو يواكيم لوف. وواصل لوف (50 عاماً) تطبيق الأسلوب العملي الذي قاد المنتخب الألماني إلى الدور قبل النهائي في مونديال 2006 بألمانيا. ولكنه طبق أيضاً بعض الأفكار الخاصة به وأجرى بعض التغييرات التي رآها ضرورية. وأطاح لوف بالمهاجم كيفن كوراني من الفريق عقاباً له حيث ترك كوراني الإستاد بين شوطي مباراة الفريق أمام المنتخب الروسي في التصفيات الأوروبية المؤهلة للمونديال احتجاجا على استبعاده من قائمة الفريق في هذه المباراة. وكان المستوى الرائع الذي ظهر عليه كوراني مع فريق شالكه في الموسم الماضي كفيلاً بدفع لوف إلى مراجعة قرار استبعاد اللاعب ولكنه لم يتراجع عن قرار استبعاده في نهاية الأمر. كما أثار لوف بعض الجدل باستبعاد لاعب خط الوسط المخضرم تورستن فرينجز من صفوف الفريق. وكان على لوف أن يهدئ من حدة الأزمة خاصة بعدما تضامن مايكل بالاك قائد الفريق مع زميله فرينجز. وغاب بالاك عن قائمة الفريق في المونديال الحالي بسبب الإصابة ولكن المنتخب الألماني لم يتأثر كثيراً بغيابه أو بغياب فرينجز حيث قدم الفريق عروضاً رائعة في البطولة وبلغ المربع الذهبي بعد التغلب على منتخبي إنجلترا والأرجنتين في دوري الستة عشر والثمانية ليسلط الفريق الأضواء مجدداً على مديره الفني الذي لم يجدد عقده مع الفريق قبل البطولة. وفشلت المحادثات بين لوف والاتحاد الألماني للعبة في وقت سابق من العام الحالي بسبب خلاف حول التفاصيل مما أزعج لوف كثيراً، ولكنه يستطيع الآن أن يحدد التفاصيل التي يريدها.