تابعنا خلال الأيام القليلة الماضية، ما تناقلته وسائل الإعلام وما حل بالأندية الجماهيرية من تراكم للديون وصل إلى أرقام مخيفة ومزعجة للأسف الشديد مما أدى إلى ابتعاد رؤساء الأندية أو تلويحهم بالابتعاد إذا لم يتم تأمين الحد الأدنى من الأموال التي تمكنهم من مواصلة المهمة. الحقيقة أن ما آلت إليه حال الأندية الجماهيرية هو نتيجة طبيعية لعدم قدرة الأندية الرياضية على تنمية مواردها المالية واعتمادها على هبات أعضاء الشرف غير المضمونة. وما فاقم من حجم المشكلة هو الرغبة الشديدة لدى إدارات الأندية الجماهيرية على تحقيق نتائج سريعة وعدم وجود نظام رقابي يلزم إدارات الأندية بالصرف وفق إمكانياتها المالية لضعف دور الجمعيات العمومية وعدم وجود آلية تمكن الرئاسة العامة لرعاية الشباب أو اتحاد كرة القدم من منع إدارات الأندية من المبالغة في الصرف. وقد تنبهت الرئاسة العامة لرعاية الشباب في أول الموسم لخطورة الموقف فنسقت مع الاتحاد السعودي لكرة القدم لكبح جماح الديون عن طريق منع الأندية المديونة من تسجيل اللاعبين حسب حجم الدين وترتيب الفريق في الدوري اعتبارا من الموسم القادم. كما أن الاتحاد السعودي لكرة القدم في محاولة منه للحد من مصاريف الأندية وضع قبل حوالي سنتين سقفا أعلى لأجور اللاعبين للعقود الجديدة إلا أنه لم يضع عقوبات على الأندية واللاعبين والوسطاء الذين تثبت مخالفتهم لسقف العقود. اعتقد أن الإجراءات التي أشرنا إليها والتي تم اتخاذها من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب واتحاد الكرة غير كافية لحلحلة ديون الأندية الضخمة نحن بحاجة إلى إجراءات وحلول سريعة توقف أولا تضخم هذه الديون وتحول دون ظهورها في بقية الأندية وحلول أخرى تخفض حجم الديون بشكل سريع إلى مستويات مقبولة تمهيدا للقضاء عليها خلال مدة لا تتجاوز سنتين أو ثلاثا. قبل طرح أو اقتراح أي حلول لابد أن ندرك خطورة المشكلة وأن حلها يتطلب تكاتف أطراف عديدة وتحمل تضحيات قد تكون قاسية على البعض. سأحاول أن أضع أمام القارئ الكريم بعض المقترحات التي آمل أن تساهم في القضاء أو الحد على أقل تقدير من ديون الأندية الرياضية، وسأتطرق بإيجاز لما ينبغي على بعض الأطراف القيام به. أولا: الهيئة العامة للرياضة: لا شك أن أيّة حلول لأزمة ديون الأندية الرياضية ينبغي أن تحظى بموافقة أو مباركة الهيئة العامة للرياضة باعتبارها الجهة الرسمية المسؤولة عن النشاط الرياضي. لعل من أهم الأدوار التي ينبغي على الهيئة العامة للرياضة القيام بها هو تشكيل لجنة (أو إدارة أو هيئة) دائمة مستقلة يتم اختيار أعضائها من أصحاب الخبرة (تستعين بمحاسبين متفرغين) لتتولى مراقبة الأداء المالي لأندية الدوري الممتاز ومراجعة وتدقيق ميزانياتها، وذلك وفق ضوابط تعلن للأندية مسبقا لضمان ألا تتجاوز مصروفات الأندية على ما تحققه من إيرادات كما تقوم بعد نهاية الموسم بمقارنة التقارير المالية الفعلية مع الميزانية التقديرية ومحاسبة الأندية عن التجاوزات الواضحة. وجود هذه اللجنة هو أحد متطلبات نجاح مشروع التخصيص لأنها ستراقب الأداء المالي للأندية وتلزمها بالصرف وفق مواردها المالية مما سيبعد الأندية عن شبح الديون، ويكون محفزا لها لتعمل على تنمية مواردها المالية. ثانيا: الاتحاد السعودي لكرة القدم: هو الجهة المنظمة والمشرعة لنشاط كرة القدم وتقع عليه مسؤولية كبيرة لكبح جماح ديون أندية الدوري الممتاز، وذلك من خلال الإعلان عن ضوابط وإجراءات تحد من تفاقم هذه الديون ومنها: 1 - التأكيد على الأندية واللاعبين ووسطاء اللاعبين، على ضرورة التقيد بالحد الأعلى للرواتب وعدم إجراء أية صفقات جانبية من شأنها تجاوز الحد الأعلى وألا يكونوا عرضة للعقوبات. 2 - بغرض خفض الهدر المالي في أندية الدوري الممتاز والمحافظة على الاستقرار الفني وإتاحة الفرصة للاعبي المراحل السنية اقترح خفض عدد اللاعبين الأجانب (وكذلك اللاعبين المحليين) الذين يحق للأندية تسجيلهم في الفترة الصيفية إلى ثلاثة لاعبين فقط (مع إتاحة الفرصة للأندية المشاركة في البطولة الآسيوية تسجيل عدد أربعة لاعبين أجانب، على أن يتواجد في الملعب ثلاثة لاعبين فقط فيما يحق للأندية تسجيل لاعب أجنبي وآخر محلي فقط في الفترة الشتوية، على أن يعلن مثل هذا القرار قبل سنتين من تنفيذه لتستعد الأندية. 3 - خفض عدد اللاعبين المحليين الذين يحق للأندية في الدوري الممتاز تسجيلهم خلال الموسم إلى 24 لاعبا فقط بدلا من 26.