يبدو واضحا للعيان أن الحوثيين والمخلوع صالح يريدون اكتساب مزيد من الوقت لإملاء رؤيتهم السياسية الخاطئة تجاه الحل السلمي للأزمة اليمنية، وهم واهمون إن اعتقدوا أن الوقت في صالحهم، فهم مصرون على إفشال أي اتفاقية عقلانية وواقعية للوصول إلى حل سلمي للأزمة، فقد انتهت أعمال اللجنتين الأمنية والعسكرية يوم أمس دون اتفاق قاطع، فالانقلابيون متمرسون دائما على إفشال أي لجنة من اللجان الخاصة بالتسوية. ولا شك أن الثقة أضحت معدومة تماما بين الشرعية اليمنية والانقلابيين، وهي ثقة لا بد من سريانها للتوصل إلى حلول لإنهاء النزاع القائم، وعدم التزام الحوثيين والمخلوع صالح بمسار المفاوضات هو الذي عمق هوة الخلاف، وبالتالي أدى إلى فقدان الثقة المطلوبة بين الجانبين، فما زال الانقلابيون على رفضهم المسبق حيال الدخول في مناقشات جادة للقضايا الرئيسية المطروحة على جدول أعمال الكويت. النقاط الخمس التي طرحت على طاولة المفاوضات لا تزال محط مراوغة ومناورة من قبل الانقلابيين، وهذا يعني رفضهم المطلق للشرعية اليمنية، وإزاء ذلك فإنهم يصعدون من عملياتهم العدوانية ضد أبناء الشعب اليمني في تعز وغيرها من المحافظات في محاولة لتعطيل سير المباحثات من جانب، وللحيلولة دون تعزيز مبادئ الشرعية التي قامت على أسس واضحة برغبة شعبية عارمة. المعارك العنيفة التي تدور في الوقت الحاضر في تعز تدل دلالة واضحة على أن التوصل إلى حلول مقبولة ومعقولة لإنهاء النزاع ما زالت بعيدة المنال، والشك ما زال يراود الأوساط السياسية في كل مكان باستحالة التوصل إلى تسوية في ظل التعنت والمراوغة وإطالة أمد الحوار كما هو الحال في محادثات الكويت الحالية وما سبقها من محادثات بغية التوصل إلى الحل المنشود. تعزيز الجبهات التي يقوم بها الحوثيون وقوات صالح في تعز وغيرها من المحافظات اليمنية يعني ضمن ما يعني أنهم يريدون إملاء شروطهم حيال البحث عن سلطة انتقالية في اليمن تكون بديلا عن الشرعية الحالية، وهو أمر مرفوض من قبل الشعب اليمني الذي ارتضى الشرعية الحالية لإدارة دفة الحكم، فالتصعيد الحوثي للقتال لن يثني المقاومة والجيش النظامي عن فرض سيطرته على اليمن لإعادة الأمن والاستقرار إليه. الخروقات المتواصلة لأي هدنة من الهدن السابقة والحالية الممارسة من قبل الحوثيين والمخلوع صالح تؤكد مواصلتهم التمسك بسياسة التعنت في محاولة لإحراز مكاسب سياسية، وهذا خطأ فادح، فالوقت لا يمر في مصلحتهم، والشرعية لا بد أن تعود إلى اليمن، واستئناف الحوار السياسي لا يعني التسليم بإملاءات وشروط الانقلابيين، ولكنه يعني أهمية الوصول إلى حلول قاطعة للأزمة والإبقاء على الشرعية الحالية. استعادة الدولة هيمنتها وسيطرتها على الأوضاع المضطربة في الوقت الحاضر لن تتأتى إلا بعودة الشرعية إلى اليمن، ودون ذلك فإن الصراع سيبقى قائما دون الوصول إلى حل، ولا بد في هذه الحالة من وضع سقف زمني للمشاورات وعدم إضاعة الوقت في خضم تلك المناورات المكشوفة التي يمارسها الانقلابيون، فالمناقشات الجادة للتسوية المأمولة هي المطلوبة دائما لتنفيذ الرؤية العقلانية للتسوية والاتفاق.