أقر مجلس الوزراء في جلسته الإثنين الماضي تنظيم مركز قياس أداء الأجهزة العامة، ومن منطلق التطوير المستمر وانسجاما مع رؤية المملكة (2030) فقد تمت إعادة دراسة هيكلة بعض الوزارات والأجهزة والمؤسسات والهيئات العامة، بما يتوافق مع متطلبات هذه المرحلة، ويحقق التطلعات في ممارسة أجهزة الدولة لمهامها واختصاصاتها على أكمل وجه وبما يرتقي بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم، وصولا إلى مستقبل زاهر وتنمية مستدامة ومع هذا التوجه الذي يُبشر بغد مشرق لبلادنا فإنه أضحى من الضروري التركيز على قياس أداء الأجهزة الحكومية في المرحلة القادمة، لأن نهضة الدول وتطوير مؤسساتها الحكومية لا تتم إلا بمتابعة قياس وأداء تلك الأجهزة، وبالتالي يتوجب وضع الخطط الاستراتيجية لتطوير ومواكبة التطلعات المتجددة لدى جمهور المستفيدين في عالم متسارع الخطى تقنيا وتفاعليا. لم أطلع على التنظيم الخاص بقياس أداء الأجهزة الحكومية، وأتطلع إلى نشره في الصحف الرسمية ليتمكن الناس من الاطلاع عليه ويعرفون الآلية التي تُقيم بها أجهزة الدولة؟!. أغلب الأجهزة الحكومية التي تصدر لها ميزانية مستقلة ضمن قوائم وزارة المالية لا توجد بها وحدة إدارية متخصصة لقياس الأداء، وبعضها لا يوجد لديها كوادر متخصصة لتطبيق نظام القياس، وفي رأيي أن التقييم النزيه لا يجب أن تقوم به الجهة الحكومية لنفسها وبنفسها من خلال استبيانات معدة سلفا تقوم بتعبئتها، إنما التقييم وقياس الأداء يجب أن تقوم به جهات محايدة محترفة تمول من جهة أخرى غير الجهة الخاضعة للتقييم لمزيد من النزاهة، وعلى المستوى الشخصي لو كل إنسان أعطي صلاحية تقييم أدائه في عمله لاختار تقدير ممتاز، لذلك لا يمكن أن نتصور أن وزارة الصحة تقيم أداءها أو الطرق أو المطارات أو البلديات أو الإسكان أو المرور أو المحاكم، وواقع الحال غير مرض وعكس كل التقارير والتقييمات المرفوعة؟!. أهمية قياس أداء الأجهزة الحكومية ينبع من أهمية الدور الذي تقوم به الأجهزة الحكومية في عملية التنمية بأبعادها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ففعالية هذه الأجهزة وكفاءتها في تأدية خدماتها يعني أنها تؤدي دورها في النمو والتطور الاقتصادي والاجتماعي والاستقرار المجتمعي. مع رؤية السعودية 2030 لم يعد قياس الأداء وممارسته في القطاع الحكومي ترفا، وإنما أصبح ضرورة ملحة للرفع من مستوى الخدمات المقدمة، وتحسين جودتها للمستفيدين من هذا القطاع، على الأقل من زاوية أن كفاءة أداء الأجهزة الحكومية تعد أحد الشروط الضرورية لكفاءة الاقتصاد وجودته بصفة عامة، أم إن قياس الأداء الحكومي يمثل جزءا من عملية أشمل وأوسع لتطوير الأداء المؤسسي وتعلق ذلك بمدخلات المؤسسة الحكومية ومخرجاتها، ومن ثم أهمية توفر عدد من المؤشرات الواضحة والقابلة لقياس وتقويم تلك المدخلات والمخرجات، لتعكس نتائجها مدى الكفاءة في استخدام الموارد المتاحة، وتحقيقها للأهداف التي ترمي لها المؤسسة الحكومية، بما في ذلك تحسين جودة الخدمة ومدى ملاءمة ما تلبيه من احتياجات للمستفيدين من المواطنين، ومدى إسهامها في تحسين نوعية حياتهم. كما تكمن أهمية دراسة قياس الأداء بالأجهزة الحكومية في إيجاد مؤشرات موضوعية عن أداء الأجهزة الحكومية بما يسهم في دعم القرارات الملكية الأخيرة في دمج بعض الوزارات والهيئات المتعلقة بتقليص النفقات وتحسين الأداء من خلال خصخصة بعض القطاعات الخدمية، ولذلك فإننا أمام مرحلة تطوير بناء برامج تدريبية ترفع من إنتاجية الموظف الحكومي، وتساعد أيضا في معرفة أسباب انخفاض أداء الجهاز الحكومي والسبل الكفيلة برفع كفاءته.