يتضح من خلال الزيارة الرسمية الأخيرة التي قام بها عاهل الأردن للمملكة ومباحثاته مع سمو ولي العهد، عمق الروابط التاريخية التي تجمع ما بين المملكة والأردن في شتى المجالات والميادين، وأن تلك الروابط قابلة للتطوير والتجذير، وقد عرفت العلاقات بين البلدين بأنها وطيدة وتاريخية، بحكم ما يربط بينهما من وشائج ومصالح مشتركة، وترسخت من خلال مسارات تعاونية متعددة. وتبادل وجهات النظر بين القيادتين السعودية والأردنية له أثره الفاعل دائما، في ظل ما تعيشه الأمة العربية من أزمات متردية في بؤر النزاع في سوريا والعراق واليمن، فالعمل من أجل الوصول إلى تسويات عاجلة ومنطقية لتلك الأزمات هو الشغل الشاغل للقيادتين، وسيظل التضامن العربي المنشود في خطر داهم؛ طالما بقيت تلك البؤر مشتعلة دون حلول لتسويتها. وهذا يعني اهتمام القيادتين بايجاد حلول للقضايا العربية المعلقة، فالقيادتان معنيتان بايجاد الحلول المناسبة لكل تلك القضايا، وعلى رأسها بطبيعة الحال قضية الشرق الأوسط على اعتبار أن القضية الفلسطينية تمثل القضية المركزية للأمة العربية، وقد كانت الرؤى السعودية الأردنية متجانسة دائما حيال تسوية تلك القضية من خلال إقامة الدولتين وعودة اللاجئين وإعلان القدس عاصمة للدولة الفلسطينية. وقد كان واضحا من خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها عاهل الأردن للرياض، دعم الأردن الكامل للتحالف الإسلامي الذي تقوده المملكة، وهو دعم يؤكد مواصلة الأردن سياستها القائمة على نصرة القضايا الإسلامية، ودعم هذا التحالف الذي جاء إعلانه في وقت مناسب مع ما يدور في العالم الإسلامي من أزمات وما يواجهه من تحديات صعبة كان لا بد من إعلان هذا التحالف كطريقة مثلى لعلاج تلك الأزمات. ولا شك أن الأردن في الوقت ذاته يدعم مواصلة المملكة حربها ضد الإرهاب، فالمملكة الأردنية كانت من أوائل الداعمين والمشاركين في التحالف ضد الإرهاب، فالظاهرة الشريرة ما زالت تهدد سائر المجتمعات البشرية، بما فيها المجتمعات الإسلامية والعربية، وما زالت تشكل خطرا محدقا بأمن وسلامة واستقرار كافة تلك المجتمعات، فمحاربتها بشكل جماعي لا فردي من الأسرة الدولية أضحى مطلبا حيويا وضروريا. زيارة العاهل الأردني للمملكة كانت ناجحة بكل مقاييس ومعايير النجاح، وقد أكدت على استمرارية التضامن العربي والإسلامي المنشود؛ لحلحلة كافة الأزمات العالقة، وكذلك دعم كل السبل المؤدية لمكافحة ظاهرة الإرهاب، والعمل على تفعيل التحالف الإسلامي من أجل نصرة القضايا الإسلامية والعربية، فالتحالف هو جزء حيوي لمعالجة تلك القضايا والانتصار لها. العمل العربي المشترك أضحى يمثل ضرورة حتمية تقتضيها الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة العربية، وزيارة عاهل الأردن للمملكة ألقت بظلالها على تلك الظروف وأهمية العمل لتسويتها، وتبادل وجهات النظر حول تسويتها بالطرق التي تضمن توحيد كلمة العرب وتوحيد صفوفهم؛ لمواجهة كافة الأخطار المحدقة بهم، والعمل على مواجهة تلك الأخطار بروح عربية واحدة.