تتمتع الشقيقتان المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية بعلاقات ودية أخوية صهرتها الاهتمامات المشتركة والمصالح المتبادلة وروابط دين وجوار وأخوة وأمن واستقرار لا يتجزأ وموروث تاريخي ووحدة جغرافية وفكرية واجتماعية متميزة حافظت المملكتان عليها بالتواصل والتعاون والتنسيق المستمر ومن خلال تبادل الخبرات والمنافع والاحترام المتبادل وقرار قطعي بأن تكون كل منهما عمقا استراتيجياً للأخرى، وتماثل في المواقف إزاء قضايا المنطقة وتنسيق مستمر ثنائي وإقليمي ودولي وكل ذلك بفضل قيادة حكيمة وبعد نظر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وأخيه جلالة الملك عبد الله الثاني ورعاية أقامت أنهراً من المحبة والمودة وحققت ازدهاراً واستقراراً لا مثيل لهما. وكان العاهلان الأردني والسعودي قد التقيا عدة مرات في كل من عاصمتي البلدين اجريا خلالها مباحثات تناولت العديد من الملفات وبشكل خاص المستجدات السياسية على الساحتين العربية والاقليمية وجهود عملية دفعت السلام في المنطقة بالاضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين. واستعرض الزعيمان في مباحثاتهما التحديات المتفاقمة التي تواجه المنطقة واكدا ان الاستمرار في التنسيق والتشاور وتفعيل التعاون المشترك بين الدول العربية هو السبيل الامثل للتصدي للاخطار المحدقة بالامة العربية والحفاظ على مصالحها. ووضع العاهل الاردني جلالة الملك عبد الله الثاني وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في صورة الاتصالات التي يقوم بها الاردن من اجل حشد دعم المجتمع الدولي للمساعي الرامية إلى تحقيق تقدم فعلي على ارض الواقع في مسار عملية السلام. ودعا العاهل الاردني وخادم الحرمين الشريفين في هذا السياق اسرائيل إلى الوقف الفوري للانتهاكات التي تقوم بها ضد الشعب الفلسطيني ووقف نشاطاتها الاستيطانية وفك حصارها المفروض على قطاع غزه .. مؤكدين ان استمرار اسرائيل في سياساتها الاحادية يقوض الجهود المبذولة حاليا لانقاذ عملية السلام ودفعها للامام . وتطرقت مباحثات الزعيمين التي شهدت تطابقا في وجهات النظر حيال مجمل القضايا التي تواجه المنطقة إلى الاليات الكفيلة بالارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والنهوض بها في المجالات كافة على النحو الذي يحقق مصالحهما المشتركة. وابدى الزعيمان حرصهما الكامل على تفعيل التعاون بين البلدين في الميادين الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بما يعمق العلاقات الوثيقة التي تربط بين الاردن والسعودية. واعرب العاهل الاردني في هذا الاطار عن تقديره وشكره لخادم الحرمين الشريفين على المساعدات التي تقدمها السعودية للاردن والتي تسهم في انجاح الخطط والبرامج التي يعمل على تنفيذها في شتى الميادين. في ناحية اخرى عكس الاستقبال الرسمي والشعبي الحافل الذي أعدته الاردن لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في زيارته التاريخية لها المستوى المتقدم للعلاقات بين البلدين والتي قال الملك عبدالله الثاني غير مرة إنها وصلت حدوداً غير مسبوقة من التفاهم والتنسيق،بالشكل الذي يظهر جلياً في المواقف التي يتبناها البلدان إزاء الملفات الاقليمية المتزايدة تعقيداً سواء في فلسطين أو العراق أو لبنان. فالأردن والسعودية ينتميان إلى ما اكتسب صفة تيار الاعتدال في المنطقة. وينطلق هذا التيار من رؤية تستهدف حل الأزمات الاقليمية، خصوصا الصراع العربي الاسرائيلي، انطلاقاً من اقتناع بأن معالجة جذور التوتر في المنطقة هي شرط تحقيق استقرارها ورفاهها ونموها. وتشكل مبادرة السلام العربية، التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين أول مرة في قمة بيروت عام 2002حين كان ولياً للعهد، وأعاد العرب تبنيها في قمة الرياض، حلاً عربياً مبادراً لحل الصراع على أسس تعيد للفلسطينيين حقوقهم في الارض والسيادة. وتعكس هذه المبادرة ثوابت الأردن والمملكة وغيرها من الدول العربية الساعية إلى اتخاذ اجراءات فعلية لإنهاء معاناة الفلسطينيين. وتدرك الاردن والمملكة ان استمرار الفشل في حل الصراع العربي الاسرائيلي يبقي المنطقة أسيرة الأزمات واحتمالات الانفجار. ويعي البلدان أن الارهاب، فكراً وممارسة، خطر لا يقف عند حدود وتستدعي مواجهته تعاوناً اقليمياً في المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية والفكرية. وهكذا فإنه ليس غريباً، إذن، أن التقاء الرؤى بدأ يأخذ طريقه إلى التعاون المؤسساتي البرامجي. وستتعاظم فرص نجاح تيار الاعتدال إن استطاع استكمال البنية المؤسساتية للتعاون بين دوله. ورغم ان الطريق إلى ذلك ما تزال طويلة، لكن البدايات مبشرة. ولعل مردّ التفاؤل هو تنامي استيعاب حجم الخطر والاقتناع أن العمل الجمعي يعظم فرص مواجهته. لقد حل خادم الحرمين الشريفين في زيارته التاريخية لوطنه الثاني الاردن ضيفا كريما عزيزا محاطا بالمحبة والتكريم كقائد كبير استطاع بحكمته وبعد نظره وتواضعه واعتداله وانتمائه العربي الصادق والتزامه قضايا امته ونصرة شعوبها ان يتقدم صفوف هذه الامة مدافعا عنها ومتصديا لكل محاولات النيل منها وتشويه حضارتها والاساءة لدينها العظيم دين التسامح والمحبة والاعتدال والوسطية. ولقد استقطبت هذه الزيارة التاريخية اهتماماً شعبياً ورسمياً اردنياً كبيراً يليق بمكانة الضيف الكبير والعزيز ويليق بالمملكة العربية السعودية الشقيقة التي كانت على الدوام داعماً للاردن وخططه التنموية والاقتصادية والوقوف إلى جانبه في الملمات والشدائد، وقفة صادقة واخوية تعبر بحق عن حجم المحبة التي يوليها جلالته للاردن، الوطن والشعب والقيادة وفي الآن ذاته عن الدور النبيل الذي تلعبه المملكة في مساندة ودعم الدول العربية والاسلامية منسجمة في ذلك مع قناعات قيادتها الحكيمة ومع التقاليد السعودية العريقة التي وضعت القيادة السعودية في المكانة الرفيعة التي تليق بها على الصعيدين العربي والاسلامي بل والدولي. هذه الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين لبلده الثاني اشرت ليس فقط إلى عمق العلاقات الثنائية فحسب وانما ايضاً إلى نهج التعاون والتنسيق والمشاورة الذي ميز العلاقات الاردنية السعودية والذي تعمق وتجذر على النحو الذي رصده المراقبون والمتابعون للمشهد العربي في الزيارات التي يقوم بها جلالة الملك عبد الله الثاني للمملكة الشقيقة والزيارات المتبادلة بين عمان والرياض على اعلى المستويات وفي مختلف المراحل والمحطات التي تمر بها المنطقة. وزير الداخلية الاردني عيد الفايز من جانبه قال: ان المحبة والتقدير الذي يكنه الاردنيون لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أطال الله في عمره والمكانة التي يتبوأها هذا القائد العربي الحكيم في قلوب الاردنيين نابعة من المواقف الحكيمة والدور المهم والحيوي والمميز الذي تنهض به المملكة العربية السعودية على مستوى العالم العربي بما تشكله من صمام أمان وحرص على الأمة وشعوبها والقضايا العادلة وانحيازها الدائم لصالح الشعوب العربية والاسلامية. مؤكدا ان الاردنيين جميعا وعلى رأسهم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.. يقدرون للمملكة العربية السعودية وقائدها خادم الحرمين الشريفين مواقفه الفذة المساندة لبلدنا والداعمة لخططه التنموية والوقوف إلى جانبه لتجاوز الظروف الصعبة مما أسهم في المساعدة بتنفيذ برامجنا الوطنية في مختلف المجالات. ومضى الفايز قائلاً :ان العلاقات الاردنية السعودية غدت بحق انموذجا يحتذى به في العلاقات العربية.. العربية.. بفضل العلاقات الاخوية والمتينة بين القائدين الكبيرين، وحرصهما الأكيد على تفعيل التشاور والتنسيق المستمر حيال كافة الاوضاع الراهنة وآخر المستجدات في المنطقة اضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين.. ويصب في تعزيز وحدة الصف والتضامن العربي في مواجهة التحديات.. والظروف الصعبة والدقيقة التي تمر بها المنطقة.