اتخذت دول خليجية ومصر والأردن خطوات متسارعة لإنشاء حلف جديد لمواجهة الأزمات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة، فيما يمثل مبادرة لإعادة صياغة مستقبل النظام العربي. وشهدت هذه الدول خلال الايام القليلة الماضية اتصالات مكثفة وزيارات زعماء في مسعى للوصول إلى موقف موحد تجاه قضايا المنطقة ومجابهة تحدياتها، فضلا عن المشاركة في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف ضمن تحالف دولي. واستقبل الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز نظيره الاردني الملك عبدالله الثاني الاحد في حين يشارك البلدان في بقيادة الولاياتالمتحدة. ومنذ ايلول/سبتمبر، تشارك السعودية والأردن والبحرين وقطر والامارات في الضربات الجوية التي تقودها واشنطن ضد مواقع الجهاديين في سوريا. وحذر العاهل الاردني في وقت سابق هذا الشهر من ان الحملة العسكرية ضد الدولة الاسلامية هي بمثابة "حرب عالمية ثالثة". والاسبوع الماضي، دعا العاهل الاردني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ختام مباحثاتهما في عمان الى وضع منهج استراتيجي شامل تشارك به مختلف الاطراف من اجل التصدي للارهاب، حسبما افاد بيان صادر عن الديوان الملكي الاردني. وجاءت الزيارة بعد نحو عشرة ايام على زيارة العاهل الاردني الى القاهرة ولقائه السيسي. ونقلت صحيفة العرب الصادرة في لندن الاثنين عن مصدر مصري مسؤول، قوله ان مشاورات تخوضها مصر مع عدد من الدول العربية لتبني مشروع للتعاون الإقليمي، يتجاوز عملية التحالف التقليدية، لمواجهة المخاطر المحدقة بالمنطقة سياسيا وأمنيا. وأرجع المصدر المساعي المصرية إلى عدم قدرة جامعة الدول العربية على التكيف مع المعطيات المتسارعة، في ظل عجز الكثير من دولها، وعدم فاعلية دول أخرى، التي تكاد تكون قد خرجت من منظومتها، بحكم أزماتها الداخلية. وخلال لقائهما في عمان شدد الزعيمان الاردني والمصري على "اهمية وجود منهج استراتيجي شمولي وتشاركي بين مختلف الاطراف في التصدي للارهاب، ومن يمارسه باسم الاسلام وهو منه براء"، بحسب بيان مشترك. واتفقا على "اهمية العمل على اظهار الصورة السمحة للاسلام وتعاليمه، التي تنبذ العنف والتطرف وتحض على التسامح والاعتدال وقبول الآخر". وأوضح المصدر المصري للصحيفة اللندنية أن محاولات جس النبض المصرية، مع أنها وجدت بعض الكوابح الموضوعية، إلا أنها تلقت أيضا تأكيدات بموافقة من الدول العربية المهمة، سمح أن تتحول الفكرة من البحث في الإطار النظري، إلى مناقشة تصورات عدة تتعلق بكيفية تنفيذ الفكرة على الأرض، وسط تعقيدات وتشابكات محلية وإقليمية ودولية متعددة، يمكن أن تعرقل ظهورها للنور بشكل فاعل. إلى ذلك، تتوحد مواقف الدول في هذه المنظومة العربية الجديدة حيال الطموحات الايرانية في المنطقة وضرورة العمل على وقف تدخل طهران في الشؤون الداخلية ودعم ميليشيات تابعة لها في دول المنطقة. وتنظر هذه الدول بعين الريبة الى المفاوضات التي تجريها الدول الكبرى مع الجمهورية الاسلامية، وتمثل مبعث قلق لديها من تساهل الغرب مع البرنامج النووي الايراني ، فيما قد يفضي الى تقوية هذا البلد الشيعي وربما يشعل سباق تسلح نوويا في الشرق الاوسط.