بدأت أجواء المفاوضات بين الأطراف اليمنية،- كما هو متوقع -، بمراوغات الحوثيين وحليفهم المخلوع علي عبدالله صالح، بتأخير وصول وفد المتمردين إلى الكويت، في وقت يأمل اليمنيون والخليجيون والعرب أن تتوج المفاوضات بإنهاء الحرب وبداية عودة الاستقرار إلى اليمن. وكان مقرراً أن تبدأ المفاوضات في صباح أمس غير أن وفود الحوثيين وحليفهم لم تصل إلى الكويت، وكان عذرهم استمرار الخروقات، إلا أن المؤكد أن خلافات حادة وموجة تخوين تدور بين الطرفين المتمردين. وبعدما كان مرجحا انطلاق المباحثات صباح أمس، اعلن موفد الامين العام للامم المتحدة الى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ احمد، تأخيرها. وجاء في بيان لمكتبه الاعلامي بعد الظهر «نظرا لبعض المستجدات التي حصلت في الساعات الاخيرة، طرأ تأخير على موعد انطلاق مشاورات السلام اليمنية - اليمنية»، من دون تحديد مدة التأخير او موعد جديد. اضاف «انا اشكر وفد حكومة اليمن الذي التزم بموعد المباحثات ووصل في الوقت المحدد، واتمنى على ممثلي انصار الله (الاسم الرسمي للحوثيين) والمؤتمر الشعبي العام (الحزب الذي يتزعمه صالح) الا يضيعوا هذه الفرصة التي قد تجنب اليمن خسارة المزيد من الارواح». وأكد الموفد الدولي «نحن نعمل على تخطي تحديات الساعات الاخيرة ونطلب من الوفود اظهار حسن النية والحضور الى طاولة الحوار من اجل التوصل الى حل سلمي»، مؤكدا ان «الساعات المقبلة حاسمة وعلى الاطراف تحمل مسؤولياتهم الوطنية والعمل على حلول توافقية وشاملة». واستبقت المباحثات بوقف لاطلاق النار بدأ تطبيقه منتصف ليل الاحد الاثنين الماضي، وشابته خروقات يرتكبها الحوثيون وقوات صالح، كجزء من المراوغات أو تصفية الحسابات بينهم، ومحاولات الأطراف الخاسرة التشويش على المفاوضات إن لم تتمكن من إفشالها. وتأخير الوفود جزء من تكتيكات الحوثيين وصالح ومن صميم اللعبة التي يعتمدونها، بمشورة إيرانية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مقرب من وفد حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي الشرعية، في المفاوضات قوله «ليس لدينا اي معلومات سوى ان وفد الحوثي متأخر»، مضيفا «المعلومات التي لدينا انهم حتى الآن لم يغادروا صنعاء». واتهم المصدر المتمردين الذين يحتلون العاصمة اليمنية منذ ايلول/سبتمبر 2014، بانهم «يماطلون» في القدوم الى الكويت. وفي صنعاء، اكد مصدر مقرب من المتمردين ان وفدهم لم يغادر صنعاء. وكان موفد الامين العام للامم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ، تحدث امس الاول في الكويت عن وجود «توتر كبير». وأجرى ولد الشيخ يوم الاحد عشية انطلاق المباحثات لقاءات مع مسؤولين كويتيين. ونقلت وكالة الانباء الكويتية عن الموفد الدولي تأكيده اثر لقائه أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، وجود «توتر كبير» على رغم وقف اطلاق النار، متحدثا عن «استقرار بصورة عامة» في معظم انحاء اليمن. وطبعت الخروقات ثلاثة اتفاقات لوقف النار منذ بدء عمليات التحالف. الا ان الاطراف سعوا هذه المرة للتقليل من اهميتها. وترافق الاتفاق مع تشكيل لجان ميدانية مشتركة للاشراف على وقف الاعمال العسكرية. وسجل التحالف العربي مئات الخروقات الحوثية ومجموعات صالح لوقف إطلاق النار منذ بداية الهدنة. والاسبوع الماضي، عكس الموفد الدولي اجواء تفاؤلية امام مجلس الأمن، بقوله «لم نكن يوما قريبين الى هذا الحد من السلام». اضاف «طريق السلام صعب ولكنه في متناول اليد والفشل ليس واردا». واوضح ان هدف المباحثات «التوصل الى اتفاق شامل ينهي النزاع ويتيح استئناف الحوار السياسي الجامع»، محذرا من انها تتطلب «تسويات صعبة من كل الاطراف ورغبة في التوصل الى اتفاق». وفي ظل تأكيده وجود «عدد مقلق من الانتهاكات الخطرة» لاتفاق وقف النار، نوه بوجود «انخفاض ملحوظ في وتيرة اعمال العنف العسكرية». وقال ولد الشيخ يوم الجمعة ان البحث عن الحل سيكون «بما ينسجم والقرار الدولي رقم 2216» الصادر عن مجلس الامن العام الماضي والذي ينص في ما ينص على انسحاب المتمردين من المدن وتسليم الاسلحة الثقيلة. ويشكل تطبيق القرار مطلبا اساسيا للحكومة اليمنية والتحالف العربي، وكان احدى نقاط التباين في جولة المباحثات الاخيرة التي اجريت في سويسرا في كانون الاول/ديسمبر، دون تحقيق اي نتيجة. ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن وزير الخارجية عبدالملك المخلافي اشتراطه تطبيق المتمردين القرار ليكونوا «شركاء في العملية السياسية». وقال «سنقدم كل ما بوسعنا للتخفيف من معاناة الشعب، ولا نتوقع ان يكون هناك اتفاق كامل في هذه المرحلة، لكننا نعتقد بان نكون في وضع متقدم عما كنا من قبل». ويتداخل في المباحثات الشق العسكري والميداني بالسياسي بعد أن ارتمى الحوثيون وحليفهم صالح في أحضان إيران التي كانت تأمل بإضفاء نفوذها في اليمن وتحويله إلى مركز عمليات عدوان وتصدير مؤامرات إلى المملكة والدول الخليجية. كما ان تطبيق المتمردين للقرار الاممي قد يعد هزيمة لهم، كونه يتطلب خروجهم من صنعاء الواقعة تحت سيطرتهم منذ ايلول/سبتمبر 2014. وقالت الباحثة في مجموعة الازمات الدولية ابريل لونغلي الاي لوكالة فرانس برس «نتوقع اوقاتا صعبة» في مباحثات الكويت، مذكرة بان طرفي النزاع لا يزالان مختلفين في العمق حول «مسائل جوهرية». ورأت انه في افضل الحالات «يتوجب على الطرفين ان يتفاهما على سلسلة تسويات تتيح اعادة بناء الثقة وترسيخ وقف اطلاق النار وتشجيع عودة حكومة تضم الجميع الى صنعاء واطلاق العملية السياسية». ومكن التحالف القوات الحكومية من استعادة السيطرة على خمس محافظاتجنوبية ابرزها عدن. وتواجه الحكومية اليمنية معضلة أخرى هي التنسيق غير المكتوب بين منظمة القاعدة الإرهابية ومجموعات صالح والحوثيين، حيث تتبادل هذه الميلشيات الأدوار للعدوان على حكومة اليمن ومحاولة لخبطة الأوراق من جديد. ويعتقد على نطاق واسع أن منظمة القاعدة في اليمن تنسق منذ زمن طويل خططها مع الحرس الثوري الإيراني الذي يستمر في تمويل عملياتها منذ سنوات ويتخذها ذراعاً للضغط على الحكومة اليمنية. خروقات ميدانية وعلى جبهة القوات الحكومية والمتمردين، تواصلت بعض الاشتباكات على رغم وقف اطلاق النار الذي بدأ تطبيقه قبل نحو اسبوع، ويمهد لاستئناف مباحثات السلام برعاية الاممالمتحدة في الكويت. وقتل تسعة جنود من القوات الحكومية يوم الاحد في معارك بفرضة نهم شمال شرق صنعاء، بحسب مصادر عسكرية. وشهدت هذه المنطقة معارك متواصلة هذا الاسبوع، على رغم وقف النار الذي خرق على جبهات عدة. والاتفاق هو الرابع منذ بدء عمليات التحالف العربي العام الماضي. وفشلت الاتفاقات الثلاثة السابقة بسبب خروقات الحوثيين وحلفائهم. الا ان الاطراف المعنيين بالنزاع قللوا خلال الايام الماضية، من شأن هذه الخروقات التي لم تؤثر على موعد بدء المباحثات. وعقد اطراف النزاع جولة مباحثات في كانون الاول/ديسمبر الماضي برعاية الاممالمتحدة في سويسرا، دون التوصل الى اي تقدم. القاعدة تتعاون مع الحوثيين من جهة أخرى قتل اربعة جنود يمنيين يوم الاحد اثر انفجار سيارة مفخخة يقودها انتحاري عند نقطة تفتيش قرب مطار عدن، المدينةالجنوبية التي تشهد منذ اشهر تناميا في نفوذ الجماعات الجهادية، حسبما افاد مصدر امني. وقال المصدر الذي رفض كشف اسمه لوكالة فرانس برس ان «انتحاريا يقود سيارة مفخخة، فجر نفسه الاحد عند وصوله الى نقطة تفتيش قرب مطار عدن». اضاف ان التفجير ادى الى «مقتل اربعة جنود واصابة اثنين آخرين». ولم يحدد المصدر الجهة التي تقف خلف التفجير. الا ان عدن شهدت خلال الاشهر الماضية هجمات وتفجيرات نسبت بمعظمها وتبنى بعضها بشكل مباشر، تنظيم القاعدة او داعش. ويعتقد مراقبون أن هذه العمليات ربما تكون موجهة من قبل ميلشيات صالح أو موجهة من الحرس الثوري الإيراني. وكان الحوثيون، قبل تحالفهم مع الرئيس اليمني السابق المخلوع علي عبدالله صالح، يتهمونه بالتنسيق مع ميلشيات القاعدة في اليمن. وتبنت داعش يوم الجمعة تفجير سيارة مفخخة على مقربة من مبنى تابع لوزارة الخارجية اليمنية في منطقة المنصورة وسط عدن. ولم يؤد التفجير الى وقوع اصابات، بحسب ما افادت المصادر الامنية. واعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عدن عاصمة مؤقتة للبلاد منذ سقوط صنعاء بيد الحوثيين وحلفائهم في ايلول/سبتمبر 2014. وتمكنت القوات الحكومية بدعم مباشر من التحالف العربي بقيادة المملكة، من استعادة السيطرة على خمس محافظاتجنوبية الصيف الماضي، من يد المتمردين. وفي محافظة ابين المجاورة لعدن، قتل خمسة عناصر مفترضين من تنظيم القاعدة في غارات شنها طيران التحالف مساء السبت في مدينة جعار، بحسب ما افادت مصادر امنية. واوضحت المصادر ان الغارات استهدفت عربتين تنقلان عناصر مفترضين من التنظيم الجهادي، مشيرة الى ان التحالف استهدف ايضا مواقع للقاعدة في مدينة زنجبار، مركز محافظة أبين، دون تقديم حصيلة. وكانت قوات حكومية تمكنت الجمعة من طرد مقاتلين من القاعدة من مدينة الحوطة، مركز محافظة لحج (جنوب)، بحسب مصادر امنية، بعد ضربات جوية ليومين شاركت فيها مروحيات «أباتشي» تابعة للتحالف.