«تطلعوا إلى مصر فإن قامت قمتم وإذا وقعت وقعتم». هذه الجملة العبقرية للراحل العظيم الملك عبدالعزير آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، تلك المقولة تحولت إلى دستور لا حياد عنه لكل من خلفه من ملوك للسعودية الشقيقة، وكما يحدث بين الأشقاء من خلافات واختلافات، لكنها أيضا لا تؤثر على الرباط المقدس بينهم، وهو ما يحدث تماما في العلاقات المصرية السعودية، فهناك فترات فتور في العلاقات، لكنها أبدا لم تتجاوز كما قلت خلافات الأشقاء حتى وإن اشتدت، ولا أدري بماذا نبدأ لكشف رسوخ العلاقات بين البلدين الشقيقين، هل من الزيارة التاريخية للملك المؤسس إلى مصر في عهد الملك فاروق وهي الزيارة الخارجية الوحيدة للملك عبدالعزيز، والتي استمرت 12 يوما وصفها الملك السعودي بأنها أجمل 12 يوما في حياته، وانتهاء بالزيارة الحالية للملك سلمان والتي أصر على أنها تاريخية. وما بين الزيارتين، موجات صعود عديدة في العلاقات، وحالات فتور قليلة ومحدودة، فالجميع يذكر محاولات المملكة مساندة ثورة يوليو بكل قوة وحرص الملك سعود على تأييد الثورة والتدخل لإزالة الخلافات بين عبدالناصر ونجيب، ثم تأييد مصر المطلق في تأميم قناة السويس، وإعلان التعبئة العامة بالمملكة في العدوان الثلاثي بل إرسال الملك سعود لأشقائه الأمراء للمشاركة في الدفاع عن مصر، ثم الموقف الحازم خلال العدوان الثلاثي بمنع شحن وتموين السفن الانجليزية والفرنسية والسفن المتجهة لهما، غير مكترثة بما يصيب خزانتها من أضرار، وهي المواقف التي أشاد بها الرئيس جمال عبدالناصر قبل توتر العلاقة بين البلدين بسبب حرب اليمن. لكن هذا التوتر لم يدفع المملكة للتشفي في مصر بعد النكسة، فقد توجه الملك العظيم فيصل بنداء لزعماء العرب بضرورة مساندة مصر، لم تكن مساندة المملكة لمصر بالكلام، فمواقفها العملية المشرفة استمرت طوال حرب الاستنزاف ونصر أكتوبر، حتى إن زيارة السادات للقدس وتوقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل ورغم رفض المملكة لها لم تؤثر على علاقتها المتميزة بمصر، وإذا كان هذا في الماضي القريب، فجميعنا يذكر قوة ومتانة العلاقات بين الدولتين مرورا بعهد الملك فهد وموقف مصر وجيشها دفاعا عن المملكة في حرب الخليج، ثم خالد الذكر الملك عبدالله ومواقفه القومية الشجاعة في وجه العالم كله بعد ثورة 30 يونيو وبياناته القوية وجولات وزير الخارجية الراحل فارس الدبلوماسية العربية الأمير فيصل، كل هذا وصولا للزيارة التاريخية الحالية للملك سلمان. وعندما نصفها بالتاريخية فهناك عدة أسباب لذلك، في مقدمتها انها تقضي نهائيا علي أي شائعات مغرضة تحاول تعكير صفو العلاقات بين البلدين الشقيقين، ثم إن العلاقات القوية والمتينة بين القاهرة والرياض هي صمام أمان للأمتين العربية والإسلامية، بالطبع متانة وقوة العلاقات لا تمنع مطلقا وجود خلافات في الرؤى حول عدة قضايا، لكن لا يجب تحت أي مسمى أن تؤثر تلك الخلافات سلبا على العلاقة التاريخية. وبنظرة سريعة على العلاقات المشتركة بين البلدين في عهد السيسي وسلمان، نجد انه بجانب أنها ترسخ التاريخ الطويل من التنسيق والتعاون والأخوة، فإنها شهدت كسرا لحواجز عدة في قرارات ومشاريع ظلت مؤجلة ومتوقفة لعقود دون معرفة السبب الحقيقي لتوقفها، منها القوة العربية المشتركة التي أسست زيارة الملك سلمان لبعثها من جديد، ناهيك عن التعاون العسكري الفعلي على الأرض سواء في القوة المشتركة للحرب باليمن او التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب أو المناورات المهمة «رعد الشمال»، ولم يكن جسر الملك سلمان الذي يربط البلدين بريا بعيدا عن تلك اللوغاريتمات، فقد ظل حلما إلى ان حولته زيارة سلمان لحقيقة واقعة، أعتقد أنه ما من سبب لتحقيق تلك الإنجازات الا أن كلا من السيسي وسلمان يعملان فقط لصالح بلديهما وأمتيهما الإسلامية والعربية، وربنا يجعل لقاءاتهما وقراراتهما خفيفة على حلف ابليس بزعامة الشيطان الأعظم العم سام!!. نقلا عن صحيفة أخبار اليوم