كانت حرب التحرير الهولندية أو حرب الثمانين عاما تمثل ثورة الاقاليم البروتستانتية للتحرر من الحكم الأسباني الكاثوليكي بشكل كبير. وكانت حركة شعبية، لكن مع تطورها برز ويليام الملقب بالصامت كقائد لها، وهو ويليام الأول من عائلة ناساو (Nassau) الألمانية وأمير أورانج، وهو اللقب الذي ورثه من ابن عمه الذي ورثه بدوره من أمه، وأورانج مقاطعة في فرنسا. ومن الطريف أن كتابة اسم المقاطعة مطابقة لاسم فاكهة البرتقال (Orange) وهو الأمر الذي جعل من اللون البرتقالي شعارا لبيت أورانج - ناساو الذي يعتبر ويليام الصامت مؤسسا له الذي مازال يحكم هولندا إلى اليوم. ومع أن اللون البرتقالي ليس في العلم الرسمي الحالي، إلا أنه مازال يعتبر شعارا لهولندا، لذلك نجده لون منتخبها لكرة القدم. ويقال: إن انتشار الجزر باللون البرتقالي المعروف كان عن طريق المزارعين الهولنديين إظهارا لوطنيتهم، أما قبلها فكان منتشرا بأكثر من لون! كان ويليام الصامت على علاقة وثيقة بالامبراطور شارل الخامس، وأصبح أحد قادة الجيوش المقربين له وأحد أهم وجهاء الأراضي المنخفضة. وعند إعلان شارل الخامس تنازله عن الحكم، كان متكئا على ويليام الصامت في دلالة على مكانته لديه. وفي عهد فيليب الثاني عيّنه حاكما (Stadtholder) لثلاث مقاطعات من الأراضي المنخفضة، هي: هولندا وزيلاند وأوترخت. وأرسله في مهمة رسمية إلى فرنسا عام 1559م، علم خلالها من ملك فرنسا عن خططه مع فيليب الثاني لاستئصال البروتستانتية من العالم المسيحي، لكنه التزم الصمت الذي أكسبه لقبه الشهير. مع اندلاع الثورة وبدء حرب التحرير، تحول ويليام الى البروتسنتية وقاتل مدافعا عن الحرية الدينية ضد محاكم التفتيش. وفي عام 1581م أعلن الثوار استقلال سبع مقاطعات وتكوينها جمهورية المقاطعات السبع المتحدة للأراضي المنخفضة، أو الجمهورية الهولندية. وأصبح ويليام أول حاكم أو قائد فيدرالي لها، لذلك يعتبر ويليام الصامت مؤسس الدولة، والنشيد الوطني الهولندي الحالي هو احتفاء بتاريخه وقصة الثورة الهولندية. استمر حكم عائلته لهولندا بعد مقتله أثناء الحرب ( مع بعض الانقطاع في تسلسلهم )، بل أصبح حفيد حفيده الملقب بويليام الثالث ملكا للأراضي البريطانية، حين ثار على خاله ووالد زوجته ملك إنجلترا جيمس الثاني، الذي تحول إلى الكاثوليكية. وغزا بريطانيا بالأسطول الهولندي بالتنسيق مع وجهاء بريطانيا، فيما عرف بالثورة المجيدة أو ثورة 1688م، وتم تتويجه مع زوجته ماري، ملكين لإنجلترا واسكتلندا وإيرلندا. وأقرا وثيقة الحقوق الشهيرة التي أقامت أسس الملكية الدستورية في بريطانيا. كان أهم انقطاع في حكم عائلة ويليام الصامت لهولندا عند قيام الثورة الباتافية "Batavian" في عام 1795م الموالية للثورة الفرنسية. وضمت الجمهورية الباتافية إليها مقاطعات الأراضي المنخفضة الجنوبية. ثم قام نابليون بتحويلها إلى مملكة في عام 1806م وعين أخوه لويس بونابرت الأول ملكا عليها؛ وأخيرا عزل أخاه وضمها بالكامل إلى إمبراطوريته الفرنسية في عام 1810م. قام لويس بونابرت أثناء حكمه القصير بنقل العاصمة ومقر حكومته من لاهاي إلى أمستردام، وهو الأمر الذي ترك أثره على هولندا، حيث استمرت أمستردام عاصمة رسمية، مع عودة مقر الحكومة إلى لاهاي. وبعد تحرر هولندا من السيطرة الفرنسية عام 1813م، عادت عائلة أورانج-ناساو للحكم مع ويليام آخر، الملقب بويليام الأول ملك الأراضي المنخفضة، ثم تحولت الجمهورية الهولندية إلى مملكة الأراضي المنخفضة في عام 1815م، التي استقلت عنها بلجيكا ولوكسمبورغ - فيما بعد - لتشكل الدولة الهولندية الحالية وملكها أيضا يلقب بويليام، أو ويليم ألكسندر.