قد تكون قرارات وزارة العمل فيما يخص السعودة غير مرضية، أو- إن صح التعبير- غير مدروسة تماما. بمعنى أن الوزارة تهتم بالناحية الإعلامية وأنها وزارة منتجة لخلق الفرص العملية للسعوديين . فقد تم إعلان سعودة قطاع الاتصالات والمدة إلى نهاية العام الحالي لتحقيق 100% جميل . لكن دعونا نعد بالذاكرة قليلاً وليس بالكثير، إنما تقريبا منذ بداية خطط السعودة . حين جاء قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1423ه ، حول سعودة سائقي الليموزين بهدف إتاحة فرص العمل أمام المواطنين، على أن يتدرج في تنفيذه بنسبة 30% في 22/2/1424ه و 50% في30/12/1424ه و75% في30/6/1425ه و100% في30/12/1425ه وتكريس كل الجهود لتطبيقه، وها نحن في عام 1437ه وفشل المشروع تماما، وقد برر مسؤول وزارة العمل للتخطيط والتطوير قرار التأجيل بقوله، المشكلة التي واجهناها في نسبة السعودة كانت 8% فقط، في نهاية عام 1425ه الذي كان تاريخا لأن تكون 100% ، أما السعودة الحقيقية فالتقديرات جاءت بأنها أقل من1%في ذلك الوقت، وأوضح أن الإحصائيات المتوافرة من خلال وزارة النقل ومن خلال قاعدة المعلومات في وزارة العمل، تدل على أن النسبة متدنية، وأنه لا سبيل على الإطلاق لتحقيق السعودة المطلوبة بنسبة 100 %كسعودة عملية، مبررا ذلك بقوله: إنه فيما لو كان هناك إلحاح على تطبيق هذا القرار، فسينجم عن ذلك توقف تام في خدمة الأجرة العامة، بل ونتائج وخيمة على حركة الاقتصاد والنقل . والعهدة على الراوي أنه قبل 15 سنة قيل فشلت المحاولة، ثم سعودة سوق الذهب، وفشلت المحاولة، ثم سعودة سوق الخضار وفشلت، ثم برزت مشكلة أن الرواتب قليلة، فارتفع راتب الموظف السعودي من 2000 إلى 6000، أي 300 %، وتم الفشل، وبعدها برر الوضع أنه لابد من تقليل ساعات العمل وستفشل المحاولة مليون بالمائة، وخرجت فكرة أنه لابد من رفع تكلفة العامل المقيم ليكون السعودي مرغوباً أكثر وأيضاً فشلت الفكرة، والفكرة الجهنمية وقف الاستقدام فانشل البلد، بعدها تم إقرار نسب السعودة على القطاع الخاص فزادت السعودة الوهمية ، ودفعت الحكومة نصف راتب الموظف السعودي ومع هذا السعودة الوهمية متسيدة، وقدمت الحكومة مكافآت مالية للشاب السعودي الذي يكمل عملاً في شركة لمدة عام، وأيضاً لم ننجح، ودفعت الحكومة تكلفة تدريب الشباب فأصبحت بعض مراكز التدريب تتقاسم الدعم مع المتدرب وهو نائم في بيته.. أين المشكلة ؟ كلمة السر هي (الإنتاجية والالتزام بالعمل) ما لم تتحقق هذه الأساسيات في أي طالب عمل، سواء سعودياً أو غيره، فلن يجد وظيفة، سواء براتب قليل أو مرتفع، وستكون المنافسة في صالح من يلتزم بهذه الأمور. يجب أن تتضافر الجهود بين وزارة العمل ووزارة التعليم والمجتمع على إنتاج شاب ملتزم في عمله، ومنتج ويكون عمله هو الأولوية في حياته، فلن نجد حلاً للبطالة، وإن استعنا بأفضل دور الخبرة والاستشارات. لا أن تخرج علينا بالأرقام التي لا وجود لها إلا في أوراق من أقر القرار . الوظيفة ليست نزهة ولا مصدر مال، الوظيفة عمل وعبادة وبس.