إن الإعلام الجديد ومجموعة البرامج التي تربط أبناء الأرض ببعضهم البعض أصبحت تزاحم السلطات الأولى؛ لشدة تأثيرها وتعبئتها للرأي العام في كل مكان، وأصبح القائمون على الإعلام بشكل عام بحاجة الى صياغة نظرية جديدة في مجال الاتصال، تتحدث عن شدة هذا التأثير وعوامله بطريقة مقننة أكثر، فبعد الفيسبوك، اتجه الكثير من المشاهير بصفة خاصة إلى تويتر، الذي وفّر لهم قدراً أكبر من الخصوصية، ثم أنستغرام، والذي كفل لهم نشر صورهم وأخبارهم، يومياً، لمحبيهم حول العالم. لكن اليوم، يبدو أن الكفة ستميل إلى تطبيق سناب شات، الذي زاد الإقبال عليه خاصة في منطقة الخليج، ليشترك فيه الكثير من النجوم، مشاهير المجتمع، خبراء الجمال، ومحررو الموضة، ما جعل هؤلاء المشاهير يؤثرون بشكل بالغ في جمهورهم المتابع خاصة وأنهم يتتبعون يومهم لحظة بلحظة بحسب تغذيتهم المتواترة للسناب. للأسف الشديد إن نظرة سريعة وعروجا مباشرا على صفحات عدد عشوائي من المشاهير في محيطنا العربي تجزم أننا ما زلنا نعاني من «سوء» في استخدام التقنيات الحديثة، فإن هذه المواقع الاجتماعية الخاصة برفع المقاطع كانت منذ البداية تستهدف عرض فيديوهات شخصية يقوم المستخدم بالتقاطها لمواضيع جماهيرية هامة أو مشاكل مغمورة يكشفها للعلن أو أي من أوجه الفائدة أو التعلم أو حتى التسلية المعقولة، لكن الاستخدام الأغلب لمرتادينا العرب بالطبع يدخل في باب التسلية والتسخيف غير المعقول وغير المستهجن. تعد مواقع التواصل الاجتماعي، والمنتديات، والمدونات الإلكترونيّة، كنزا من كنوز الإطلالات الجماهيرية الناجحة لمشاهير الموهوبين، لكنها في الوقت ذاته وسائل مثالية لتغذية أوهام ذوي الملكات الهشة وتغذية أناهم؛ لا سيما وأن الحاجز الرقمي بينهم وبين المتلقين لا يحتاج إلى تنمية مقدرتهم على التواصل المباشر مع مسامع وأبصار من يتحدثون إليهم بطريقة صحيّة معافاة، ومن ثم يصعب اكتشاف فقرهم المعرفي وضحالتهم الثقافية. وبهذا تتضخم أسماؤهم في فقاعات الأوهام الفيسبوكية والتويترية والسنابشاتية والانستغرامية يوما بعد آخر، مساهمين بالهبوط في مستوى الذوق العام دون محاولات جادة للارتقاء بما يظنونه شغفا أو موهبة. إن التطور التكنولوجي أدى إلى دور شديد التأثير في وسائل الإعلام التي أصبحت بالفعل السلطة الأولى قبل سلطات التشريع والتنفيذ والقضاء بفعل قدرتها على التأثير والتغيير كما نرى هذه الأيام في ثورات الشباب بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يؤكد المقولة المشهورة عن الزعيم البولندي البارز (ليش واليسا) عندما سئل عن أسباب انهيار الأنظمة الشيوعية في دول شرق أوروبا والاتحاد السوفياتي فقال باختصار «إن كل ما حدث بدأ من التليفزيون!». وفي الختام.. فإني لا أتهم كل مشاهير الإعلام الجديد، لكني -وبكل صدق- أجد أن الكثير منهم ليس إلا خواءً عظيماً ولا يقدم إلا التسلية المعلوماتية وأخباراً عن نفسه لا تهم إلا المتيمين إعجاباً به! وهذا غير صحي، فعلى المقابل نجد أن القلة ممن رحم ربي من هؤلاء المشاهير يقدمون مادة طيبة فيها النصيحة والفائدة، وفيها نوابع تجربتهم في الكثير من الأمور، والتي بكل تأكيد تهم الجمهور المستفيد، ومن هؤلاء أذكر: فاطمة آل ثاني من قطر، ماجد الصباح، والزميلة الإعلامية نهى نبيل من الكويت، الزميل المذيع طراد باسنبل من السعودية، ولهم جميعا ولكثير غائب عني من المميزين في هذا المجال أقدم التحية والتقدير؛ على جهودهم وتأثيرهم المكتظ بالفائدة!