الفن.. الفكر.. الأدب.. الإبداع بوجه عام صورة من صور الحرية، ولأن الحرية الإبداعية تتوق للتعبير عن وجودها دون حدود؛ لم يكن من الغريب أن يختار المبدعون في مختلف المجالات نوافذ الإعلام الجديد ليطلوا منها على عالم يستطيع اتساعه استيعاب مواهبهم بلا قيود. الأمر الذي قدم لحاضر الإبداع الإنساني فرصة قيمة للإعلان عن ذاته للمهتمين بمجالاته، كما وهب هذا النوع من الإعلام أصحاب المواهب الوليدة ممن يتمتعون بطاقات إبداعية حقيقية فرصتهم الثمينة للإفصاح عن كيانهم الإبداعي دون عقبات أو وساطات. لكن افتقار هذا الإعلام إلى الضوابط الكافية في المنطقة العربية، وقصور الوعي الجماهيري لدينا في التمييز بين الوهم والواقع في هذا الإطار، أدى إلى تمادي بعض الواهمين وإسرافهم في التسويق المضخم لأسمائهم التي مازالت تحت خط النضج الإبداعي، وإسراف بعضهم الآخر في انتحال أفكار سواهم من نماذج إبداعية في الفن والفكر والأدب، معتمدين في نجاح هذا الانتحال على جهل متابعيهم باسم المبتكر الأصلي لتلك الأفكار وأعماله من جهة؛ وعلى تلك الثورة الإعلامية الفسيحة التي جعلت من اكتشاف عامة المتلقين لتلك القرصنة الفكرية أمرا أشبه بصدفة الوقوع على حبة أرز في كومة قش. قد تكون مواقع التواصل الاجتماعي، والمنتديات، والمدونات الإلكترونية، كنزا من كنوز الإطلالات الجماهيرية الناجحة لمشاهير الموهوبين، لكنها في الوقت ذاته وسائل مثالية لتغذية أوهام ذوي الملكات الهشة وتغذية أناهم؛ لا سيما أن الحاجز الرقمي بينهم وبين المتلقين لا يحتاج إلى تنمية مقدرتهم على التواصل المباشر مع مسامع وأبصار من يتحدثون إليهم بطريقة صحية معافاة، ومن ثم يصعب اكتشاف فقرهم المعرفي وضحالتهم الثقافية. وبهذا تتضخم أسماؤهم في فقاعات الأوهام الفيسبوكية والتويترية يوما بعد آخر، مساهمين بالهبوط في مستوى الذوق العام دون محاولات جادة للارتقاء بما يظنونه شغفا أو موهبة، إلى أن ينطق أحدهم بكلمة غير محسوبة تصيب تضخمه الفقاعي في مقتل أكيد، أو تحين ساعة المواجهة الكبرى أمام الناس؛ فتنفجر الفقاعة التي أنجبها ذاك التضخيم الإعلامي الفردي، مخلفة رماد أحلامهم التائهة. للتواصل: https://twitter.com/#!/zainabahrani [email protected]