بعد أن قررت الحكومة السعودية تشكيل لجنة حكومية للحد من هدر الغذاء لوحظ أن «هناك توجهات ومبادرات تطوعية لحفظ النعمة»، وما تعنى به تلك المبادرات هو الحد من الهدر، وفي الوقت ذاته لوحظ أن متوسط استهلاك الفرد في المملكة من التمور والقمح والسكر والدواجن واللحوم هو الأعلى على مستوى العالم. سياسات ترشيد الإنفاق تتطلب دراسات إستراتيجية عالية، تحد من الظاهر العشوائية أو «السلبية»، فتأثيرها على الاقتصاد واضح ويترك آثارا مستقبلية، على العديد من القطاعات. وفي التقرير الذي أصدرته وزارة الزراعة حول الإنفاق والهدر الغذائي، تبين حقائق أخرى، منها أن كلفة جمع الأطعمة ونقلها والتخلص منها بنحو 630 مليون ريال سنويا، الحد من الفاقد يحد من الإنفاق ويرسم مستقبلا لسياسات اتفاق حديثة. لجنة للحد من الهدر الغذائي، ما زالت في خطواتها الأولى التي سترفع من ثقافة الإنفاق والحد من التهور، لاسيما في المناسبات والمواسم، فما هو معروف أن السعوديين أكثر الشعوب استهلاكا، علما بأن هذه مقولة غير صحيحة، وإنما منتشرة على نطاق واسع، فهناك شعوب لها عادات وتقاليد ترتبط بمستوى الإنفاق لديها، ومستهلكة بشكل مضاعف عن الشعب السعودي، كما أن هناك أزمات في بعض الدول العربية تكشف عن حقائق استهلاك وإنفاق شعوبها، ومن يشاهد الأزمات على المواد الغذائية وتحديدا الخبز والأرز سيرى أن الشعوب لديها ثقافات معينة، ولا يمكن تعميم نظرية ثابتة، فهناك معتقدات تتطلب تغييرا بحسب ما يدور في الواقع. عندما تم تصنيف الشعب السعودي بأنه من أكثر الشعوب استهلاكا للحوم والأرز والقمح والتمور، كان بناء على عدد السكان، إضافة إلى متوسط دخل الفرد، إلا أن الترشيد والحد من ذلك يقنن من التهديد في الاستنزاف. ربما يستهين البعض بالتعرف على آليات الحد من الهدر والإنفاق، والبعض الآخر يراها «سلوكيات مؤقتة»، علما بأنها ثقافة تتطلب ترسيخا لارتباطها بمستقبل اقتصاديات العديد من الدول، لاسيما أن مخلفات الأطعمة تمثل من مجموعة النفايات ما نسبته 28 في المائة. نعود مجددا إلى المواد الغذائية الأكثر استهلاكا، والتي تتسبب في أزمات صحية واقتصادية سويا، سواء من حيث العلاج منها وزيادة استيرادها أو إنتاجها، فاللجان والمبادرات المختصة في تقنين الهدر والحد من الإسراف في المواد الغذائية، لها آليات في التعامل مع المناسبات والفنادق من خلال التواصل مع الجمعيات الخيرية، ولدينا في المنطقة الشرقية جمعية إطعام الخيرية التي حققت نجاحا باهرا وتركت أثرا عالميا، في حفظ النعمة وتوزيعها بشكل مناسب، وضمن هذا الإطار، تقدمت العديد من العائلات بالتعاون مع تلك الجمعية، بالإبلاغ عن مناسباتها لأخذ الفائض منها وإعادة توزيعه، لضمان مجتمع «متوازن». ستترك لجنة الحد من الهدر الغذائي، أثرا ملموسا على العادات والتقاليد في نفوس الناشئة، من خلال معرفة طرق الحفاظ على النعمة، والتي ستترك اثرا اقتصاديا مستقبليا مرتبطا بعوامل التنمية المجتمعية.