هبط سعر برميل النفط إلى ما دون الثلاثين دولارا، ومعها تدهورت أسعار سوق الأسهم إلى مستويات متدنية، وقبل ذلك الركود في السوق العقاري وقطاع الإنشاءات والمخاوف من استمرار عجز موازنة الدولة وحدوث الانكماش الاقتصادي لا قدر الله، مما أوجد صورة مظلمة الى حد كبير لدى الكثير من أصحاب الأعمال ومتخذي القرار في شركات القطاع الخاص عن ماهية المرحلة المقبلة والأسلوب الأمثل للتعامل معها وكيفية إدارة المرحلة الحالية بما يساعد على استقرار هذه المنشآت دون التعرض إلى أي خسائر قد تساهم في تدهور هذه المنشآت ومن ثم خلق اعباء مالية واقتصادية على المستوى الخاص والعام. وفي نفس المسار، بدت مشكلة قلة السيولة لدى الكثير من شركات القطاع الخاص واضحة، وبالتالي بدأ الكثير يفكر في حلول بديلة ومتعددة لتوفير السيولة المطلوبة لاستمرار عمليات الانتاج أو البيع دون التعرض إلى تباطؤ في دورة رأس المال العامل، مما سيساهم بدون أدنى شك في فقدان حصة من السوق ويتبعها بعد ذلك تدني مستوى ربحية الشركة، مما قد يجعل الشركات لو حدث ذلك تفكر في اتخاذ تدابير أو قرارات قد تكون آثارها سلبية بشكل كبير على هذه المنشآت والعاملين فيها. من المعروف ان البنوك السعودية ولله الحمد تتمتع بسمعة عالمية متميزة من حيث قوة الأصول والنقد التي تمتلكها وكذلك مستويات الربحية العالية التي تحققها هذه البنوك بشكل سنوي وكل هذا تحت إشراف مؤسسة عريقة وهي مؤسسة النقد العربي السعودي، وقد يكون من أهم البنود التي تساعد البنوك على تحقيق معدلات ربحية عالية هي شراكتها للقطاع الخاص، واقصد بذلك حجم التمويل الذي تمنحه البنوك للكثير من شرائح القطاع الخاص، مما ساهم في تحقيق المعادلة الإيجابية لمصلحة كلا الطرفين، وهذا ما كان يحدث في السابق بشكل كبير حيث وفرة السيولة، ولكن وفي هذه الفترة بدأت البنوك تأخذ سياسة تحفظية عالية للاقراض نتيجة المخاطر المُحتملة لعدم القدرة على سداد الديون وساهم ذلك في انخفاض قيمة الأصول المرهونة من قبل القطاع الخاص للبنوك كضمانات وفي غالبيتها تتضمن إما أصولا عقارية أو اسهما متداولة في البورصة السعودية. يبدو ان الصورة قاتمة بعض الشيء ولسان الحال يقول (من يساعد الاخر) البنوك أم القطاع الخاص، وهنا وفي ظل معظم المعطيات والضرورة المحيطة، أرى انه يتطلب على البنوك القيام بدور مختلف بعض الشيء بما يدعم استقرار ونمو القطاع الخاص عبر سياسة تمويلية سلسة ودون تعرض البنوك لمخاطر الزيادة في المخصصات وبالتالي تحقيق مستوى الربحية المعقول، وهنا يتطلب من البنوك ان تقوم في هذه المرحلة بدور اقتصادي بجانب الدور المالي، وان تعمل البنوك على طرح منتجات وخدمات حقيقية تناسب هذه الفترة وأوضاع القطاع الخاص. من المتوقع ان تواجه البنوك في الفترة القليلة القادمة نقصا في السيولة نتيجة ضعف الإنفاق الحكومي وكذلك قلة النقد المتوقعة نتيجة توجه الحكومة لاصدار سندات بنكية، ومع ذلك البنوك لديها القدرة متى ما ارادت ان تتخذ خطوات إيجابية، فعلى البنوك أن تكون عاملا مهما ومساهما فاعلا في دفع العجلة الاقتصادية دون تباطؤ، والبنوك السعودية مما لها من خبرة واسعة تستطيع ان تفعل ذلك بكل اقتدار متى ما تخلصت من بعض سياسات الطرف الواحد وامتلكت نظرة الاقتصاد الشامل.