طمأن تقرير "الاستقرار المالي" الذي أصدرته مؤسسة النقد السعودي، الجميع بأن برامج التمويل العقاري المقدمة من المصارف وشركات التمويل المرخصة، تحكمها المعايير التعاقدية، لضمان الحقوق من جانب، ولتعزيز التكافؤ بين الممولين العقاريين. وكان قطاع التمويل العقاري في المملكة شهد نوعًا من الارتباك، عقب صدور قرار مؤسسة النقد السعودي، بأن يوفر طالب التمويل العقاري، ما نسبته 30 % من قيمة العقار الراغب في شرائه، على أن توفر الجهة الممولة باقي النسبة، وهو ما قلص عدد طلبات التمويل، ودفع ببعض جهات التمويل لإيجاد مخرج للقرار، بيد أن مؤسسة النقد حذرت الجهات الممولة من القفز فوق القرار، ودعتها إلى الالتزام به تمامًا، حتى لا تعرض نفسها للمساءلة.
وتحدث تقرير مؤسسة النقد السعودي عن نظام التمويل العقاري ولائحته التنفيذية، وقال إن الهدف منها تنظيم التمويل العقاري، الذي تقدمه المصارف وشركات التمويل غير المصرفية المرخصة، مشيرًا إلى أن النظام ولائحته التنفيذية أيضًا ينصان على متطلبات احترازية للحفاظ على سلامة واستقرار وعدالة التعاملات في القطاع، ولتعزيز التكافؤ من أجل منافسة عادلة بين الممولين العقاريين. وتشمل هذه المتطلبات وضع المعايير التعاقدية، والحد الأعلى للتمويل العقاري، الذي يبلغ 74 % من قيمة الأصل، إلى جانب تأكيد دور الجهات الحكومية ذات العلاقة في الجمع الدوري للبيانات ذات الصلة بأنشطة سوق العقار ونشرها إلكترونيًا.
تدفق الأموال في القطاع العقاري وينص نظام التمويل العقاري ولائحته التنفيذية كذلك على الأحكام التي تنظم السوق الثانوية للتمويل العقاري في المملكة، بما في ذلك تأسيس الشركة السعودية، لإعادة التمويل العقاري (مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة)، لتسهيل تداول حقوق العقود العقارية في السوق الثانوية، ولتسهيل تدفق الأموال من أجل تحقيق النمو والاستقرار في السوق الثانوية للتمويل العقاري.
كما تشمل أهدافها توفير سبل أفضل للممولين العقاريين، لتمويل المستفيدين لغرض تملك المنازل، وتعزيز سيولة استثمارات التمويل العقاري، وضمان التوزيع السليم لرأس المال المخصص للتمويل العقاري لمختلف المناطق وطبقات المجتمع، والقيام بدور الوسيط بين القطاع ومصادر التمويل.
الإقراض العقاري وكشف تقرير مؤسسة النقد عن أن نسبة الإقراض العقاري ارتفعت بما يربو 30 %، وبقي الإقراض العقاري للأفراد المحرك الرئيس للنمو السنوي للعقارات في عام 2014، حيث مثل 63.3 % من إجمالي القروض العقارية، كما بلغت حصة الإقراض العقاري من إجمالي الإقراض المصرفي 12% في عام 2014، ومن ناحية أخرى، ظل نصيبه في الناتج المحلي منخفضًا، إذ بلغ نحو 5.3 % و9.3 %، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي المحلي غير النفطي على التوالي.
الرهن العقاري وتطرق تقرير الاستقرار المالي إلى نظام الرهن العقاري، وقال إن "وزارة العدل والمحاكم ستضطلع بتنفيذ اللائحة التنفيذية لنظام "الرهن العقاري" الصادرة بموجب قرار وزير العدل لتنظيم الرهن العقاري والتنفيذ بشكل عام.
ورأى التقرير في تنظيم الرهن العقاري والتنفيذ، ركيزتين رئيسيتين لعمل قطاع التمويل العقاري بشكل فعّال. و"الرهن العقاري" هو قرض يُمَكّن المقترض سواءً كان فردًا أو مؤسسة من أن يشتري منزلاً أو أي عقار آخر، وتكون ملكيته لهذا العقار ضمانًا للقرض، أي أنه في حال عجزه عن سداد القرض، فإن من حق المُقرض اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتملكه لهذا العقار، وبصورة أخرى، فإن العقار يبقى مرهونًا حتى يتم سداد القرض، ولذلك يسمى المُقرض مرتهنًا، ويسمى المُقترض راهنًا.
نظام التأجير التمويلي وتناول تقرير مؤسسة النقد نظام التأجير التمويلي ولائحته التنفيذية، وقال إن هناك ضوابط لتنظيم عقود التأجير التمويلي، التي تقدمها المصارف وشركات التمويل غير المصرفية المرخص لها بمزاولة نشاط التأجير فيما يتعلق بحقوق المؤجر والمستأجر بصورة مستقرة ومستدامة، وذلك لتخفيف المخاطر المرتبطة عادةً بهذا النوع من التمويل، ولكي ينعكس ذلك على الأسعار والخدمات المقدمة.
ويشمل النظام ولائحته التنفيذية أيضًا أحكامًا لتنظم تأسيس شركة مساهمة من المؤجرين، بعد موافقة مؤسسة النقد العربي السعودي لتسجيل عقود التأجير التمويلي، بما يتماشى مع أحدث الأساليب وأفضل الممارسات، وتنظيم الوصول الآمن إليها.
مراقبة شركات التمويل وأفاد التقرير بأن نظام مراقبة شركات التمويل ولائحته التنفيذية يهدف إلى تشكيل قطاع تنافسي جديد، لمنح الائتمان، مع تيسير سبل سلامته واستقراره. وينص نظام مراقبة شركات التمويل ولائحته التنفيذية على أحكام تنظم ترخيص الشركات وتحدد المتطلبات والمعايير فيما يتعلق بكفاية رأس المال، وسياسات التمويل وإجراءاته، وحدود الانكشاف، والتنظيم الداخلي، والحوكمة، وإدارة المخاطر، والتدقيق الداخلي، والالتزام، وإعادة التمويل، مشيرًا إلى أن هذه المتطلبات تهدف إلى المساهمة في تعزيز استقرار القطاع والمحافظة على سلامته ورفع مستوى النشاط الائتماني وإدارة المخاطر بصورة أفضل.
وفي السنوات الأخيرة، وبينما كانت تبذل الجهود لتعميق النظام المالي السعودي وتعزيز الرهن العقاري وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتنويع القاعدة الاقتصادية، ازدادت قوة إطار سياسة الاحترازي الكلي . ومن المقرر أن تساهم هذه التطورات إيجابيًا في الاستقرار الاقتصادي والمالي، كما أنها تضمن أيضًا المتابعة المستمرة التي تُساهم في تحديد المخاطر في النظام المالي في مراحلها المبكرة.
القطاع المصرفي وخصص التقرير مساحة للحديث عن قوة القطاع المصرفي، في توفير القروض بصفة عامة، والعقارية بصفة خاصة، وقال: "يتمتع القطاع المصرفي السعودي برأس مال جيد، يتسم بالربحية والسيولة، وهو أكبر قطاعات النظام المالي السعودي، كما أن انكشافه الخارجي محدود، سواءً من حيث الإقراض أو الاقتراض، وكان لهذه العوامل، المصحوبة باستجابات حازمة من السياسات الحكومية، دور مهم في بقاء القطاع المصرفي السعودي معزولًا نسبيًا عن تقلبات الأسواق المالية العالمية في السنوات الأخيرة.
وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية في الفترة بين 2007 و2009، تباطأ نمو الائتمان الممنوح في المملكة مبدئيًا، إلا أنه عاود الارتفاع في الأعوام اللاحقة دون تدهور جودة أصول المصارف.
ورأى التقرير أن "سياسة الاقتصاد الكلي لها دور داعم للنمو الاقتصادي، كما هو الحال في الاقتصادات العالمية الأخرى". وقال: "كان لارتفاع أسعار وإنتاج النفط في فترة ما بعد الأزمة دور في تكوين فوائض خارجية ومالية ضخمة على شكل احتياطيات أجنبية. وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2014 م، إلا أن السياسة المالية العامة ظلت داعمة وملتزمة بمستوى الإنفاق المقرر، مما عزز دعم المتانة المالية للقطاع المصرفي".