عندما قيل للعجوز إن حفيدها قد مات فردت بأنهم دائما ما يعملون العصيدة في اليوم الذي تصوم فيه! فإن ذلك كان حوار طرشان. وهناك قصة مشهورة عن هذا النوع من الحوار ملخصها أن أربعة من الطرشان (راعي غنم ومزارع وبائع ملح وقاضي) كانوا يعيشون في قرية فحصل أن أضاع الراعي قطيعه فوجد المزارع متسلقا شجرة فسأله عن القطيع فأجاب الأخير بأن العجوز محدودب الظهر الذي يبحث عنه موجود فوق التلة القريبة. فشكره الراعي وقال له إنه سوف يكافئه بحمل صغير إذا ما وجد ضالته. وعندما وجد الراعي قطيعه جاء إلى المزارع ومعه الحمل الصغير ليعطيه إياه فقال المزارع إنه لم يسرق القطيع! فرد عليه الراعي إنه لن يعطيه أكثر من هذا الحمل. فمر عليهما بائع الملح وهما يتخاصمان فعرض على كل منهما مقدارا قليلا من الملح رافضا أن يعطيهما كل ما يحمله من ملح! وهكذا اختلف الثلاثة وتعالت أصواتهم، فذهبوا إلى القاضي الذي صادف أن كان واقفا على باب بيته بعد أن طرد زوجته فتشاكوا عنده فقال: إنني لن أقبل أبدا أن تعود هذه الزوجة العاصية إلى بيتي مهما حصل وبأي حال من الأحوال! هذه القصة تشير إلى أن بعض المتحاورين يغني كل منهم على ليلاه وكل يتحدث عن موضوع ولا يستمع إلى الآخر، بل يتحدث عما يريد أن يُسمعه للآخرين. فالأطرش هو الشخص الذي يسمع بشكل ضعيف ويستطيع التحدث لذلك فهو يفسر الحديث الذي يوجه إليه كما يشاء، خلاف الأصم الذي لا يسمع أبدا ولا يتكلم. وما يفسر تسمية بعض أنواع الحوار بحوار الطرشان هو أن المتحاورين يتهربون عمدا من الاجابة عن بعض الأسئلة، فإما أن يطرحوا بدورهم أسئلة أو أنهم يجيبون عن أسئلة أخرى وذلك بهدف قطع الطريق على السائل والهرب من جولة حوارية على وشك أن يهزموا فيها. وهم بهذا يقومون بصرف النظر عن السؤال الذي يجهلون الرد عليه إلى سؤال آخر أسهل عليهم أو إلى محور أو نقطة تعتبر نقطة قوة لديهم وضعف لدى خصومهم. وتدل هذه المحاولات بالطبع على درجة من الهزيمة تتم التغطية عليها بجر الحوار إلى ساحة أخرى. وفي مثل هذه الحالات ورغم طول مدة الحوار إلا أنه يبقى مراوحا لمكانه ولا يكاد يتزحزح عنه. وأصعب أنواع الحوار هو حين يصر كلا طرفيه على التحدث للطرف الآخر دون الاستماع إلى ما يقوله.