يبدو أن الوزير الايراني محمد جواد ظريف، يعتقد أن كتابة المقالات في الصحف الامريكية، من الممكن ان تغير التقارير الاستخباراتية الأمريكية الموثقة حول إرهاب ايران، وتعاونها والتنظيمات الارهابية، ودعمها أعمال التفجير والقتل في كل مكان. ويبدو أن الوزير حالم جدا بأن دبلوماسية الكلمات الفارغة والمنمقة من الممكن أن تتجاوز الحقائق، إلا انه وكعادة الدبلوماسيين الايرانيين يظهرون التمسكن والوجه المخادع للغرب، والسطح والملمس الناعم ولا يدري الوزير أن الحملات الإعلامية المدفوعة الثمن مسبقا لا تستطيع ان تغسل عار ايران وجرائمها القذرة، أو ما اقترفته من مجازر ودماء بحق الشعوب، ليس اقلها إعدام 1300 عالم عراقي بالتعاون مع الموساد الاسرائيلي، وحصار مضايا السورية حتى الموت، في أبشع سلوك انساني على الأرض، فهل هذه هي ايران التي يدافع عنها الوزير الظريف؟ لا يستطيع المرء تحديد من أين يبدأ مع ايران فتاريخها مليء بالتطرف والتدخل في الشؤون الداخلية للدول ودعم الارهاب وعدم احترام القوانين والمعاهدات الدولية، ولا مجال للافتئات على ايران. فالعالم يعلم الجرائم الايرانية، ففيها أعلى نسبة إعدام في العالم، وفي العام 2015 أعدم 2000 شخص خلال فترة رئاسة روحاني (الإصلاحي)، وسجناء الأحواز تجاوزوا 30 الفا، وتم اعتقال 300 صحفي. وجاء في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي حول الاتجار بالبشر في العالم وجود زيادة ملحوظة شهدتها إيران خلال السنوات الأخيرة في حالات الاتجار بالبشر، والعمالة القسرية، والدعارة، وبيع الاطفال، ويقع أكثر من 30 مليون إيراني تحت خط الفقر من إجمالي 80 مليونا. وتصنف ايران بأنها الدولة الأعلى نسبة في اختراق سيادة الدول، وتزوير العملات، واستهداف البعثات الدبلوماسية خارج ايران، في الهند ودول آسيوية، وتمويل تنظيمات وحركات إرهابية متطرفة في السنغالونيجيريا وأمريكا اللاتينية، وداعم رئيس لشبكات التهريب والمخدرات والسلاح، وهي من يقف خلف شبكة من العصابات والميليشيات للقتل والجريمة في العراق وسوريا، وهي من يستغل التشيع في افريقيا للحصول على مقاتلين نيابة عنها باسم الدين. في اليمن سلم وزير خارجية يمني سابق نظيره الايراني آنذاك منوشهر متقي وثائق ودلائل تدين ايران بالتجسس على الأمن اليمني ودعم الحوثيين. وقبض في اليمن على ضباط كبار من الحرس الثوري، ومن حزب الله، وتم ايداعهم في سجون الأمن القومي، ولم يجد متقي ما يرد به على وزير الخارجية اليمني سوى القول: حتما هذه ليست من أعمال وزارة الخارجية، بالطبع هي من أعمال الاستخبارات الايرانية والحرس الثوري. وفي الأرجنتين أعلن النائب العام الأرجنتيني ألبرتو نيسمان يوم 21-8-2009 أن وزير الدفاع الايراني أحمد وحيدي مطلوب منذ 2007 من قبل شرطة الانتربول في اطار التحقيق بتورطه في تفجير مقر جمعية يهودية في بوينس ايريس أوقع 85 قتيلا و300 جريح عام 1994م. وفي ايران وحدها يضطر وزير دفاع ايران (العرمرمية) أن يغادر بوليفيا متسللا من الأبواب الخلفية عام 2011، كونه مطلوبا للانتربول، وأن وزارة خارجية بوليفيا بعثت رسالة الى نظيرتها في الأرجنتين تعتذر فيها عن دعوة وزير دفاع متهم بقتل المدنيين، حيث وصفت الخارجية البوليفية دعوة الوزير الايراني بانها "حادثة خطيرة". وقالت الرسالة : "نتيجة لهذا الموقف المؤسف اتخذت حكومة بوليفيا الاحتياطات المناسبة لضمان أن يغادر أحمد وحيدي على الفور أراضي بوليفيا. واللافت للانتباه ان ايران الدولة الوحيدة التي لا تحترم وزراءها، فقد اقالت منوشهر متقي وهو يقوم بزيارة رسمية للسنغال، والسبب الرئيس في الاقالة هو دعم ايران والحرس الثوري الجماعات الثورية المقاتلة هناك. وقد سلمت السنغال للوزير أدلة مثبتة، واعتقلت أعضاء في الحرس الثوري، الأمر الذي أغضب متقي، ما دفع بأحمدي نجاد لاقالته وهو في السنغال. ولم يتوقف الأمر على ذلك فقط، فقد اعتقدت ايران أن الشعوب الافريقية فقيرة ويمكن استغلال فقرها، والتدخل في شؤونها الداخلية، واقامت لذلك اكثر من 58 بعثة وقنصلية، إلا انها تفاجأ دائما بردود قوية. فقد قطعت غامبيا علاقاتها مع إيران وطلبت من الدبلوماسيين الايرانيين مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، وقطع العلاقات بين غامبياوإيران الذي شكل مفاجأة لكثير من الغامبيين، مرتبط مباشرة بشحنة الأسلحة المشبوهة المرسلة من إيران إلى غامبيا. وكانت نيجيريا قد كشفت - أمام مجلس الأمن الدولي - اعتراضها سفينة قادمة من إيران، محملة بالأسلحة (صواريخ وقنابل يدوية) الأمر الذي اضطر قائد (الحرس الثورى) الإيرانى محمد علي جعفرى لإعداد خطة لتصفية القيادي العسكري ( النيجيري) اللاجئ إلى السفارة الايرانية، على خلفية اكتشاف تورطه في شحنة الأسلحة المضبوطة، خشية كشفه مزيداً من نشاطات الحرس فى افريقيا، اضافة الى اكتشاف السلطات النيجيرية محاولة تهريب 130 كيلوغرامًا من الهيروين كانت مخبأة فى حاوية إيرانية وصلت الى موانئ نيجيريا على أنها تنقل قطع غيار للسيارات. تبدو ايران اليوم مرتبكة وانفعالية ومهزوزة اكثر مما مضى، فالمؤشرات الاستخباراتية تفيد بأن نظام الثورة تجاوز العمر الافتراضي له، ولم يعد مقنعا للايرانيين. فبعد 36 عاما من خطابات الشيطان الاكبر والاصغر، يكتشف المواطن الايراني ان حكومة بلاده كانت على اتصالات قوية مع تل أبيب وواشنطن، وهذه المعلومات يذكرها تريتا بارسي الذي يتزعم اللوبي الايراني اليوم في امريكا، وأن رجال الدين والحرس الثوري، استولوا على مقدرات وثروات ايران، وانهم يخدرون مجتمعاتهم بالدين الذي أصبح وسيلة لضمان بقائهم، أو دفعهم للموت في مناطق الصراع والنزاع، والهاب مشاعرهم بالتعبئة الطائفية المقيتة ضد الدول المجاورة. كما ان هناك مخاوف عميقة في ايران، فبعد 36 عاما من تغييب المجتمع الايراني، وابعاده عن الاتصال بالعالم، اليوم ايران مع محاولات تأهيلها الفاشلة، مضطرة لفتح الابواب المغلقة امام الشركات الاجنبية، والمخيف ان التيار الديني والحرس الثوري، يخشى ازدهارا وحضورا للقوى الاصلاحية، وهو معارض بشد للانفتاح، حيث إن هناك امكانية لتغيير خارطة التحالفات الداخلية، وارتباط البازار بالشركات العابرة، اضافة للتقارب بين الاصلاحيين والشركات الغربية، وهو ما يفسر المخطط المسبق الذي دفع باتجاه استهداف مقرات البعثات السعودية، لتأجيج الطائفية وتعبئة الشارع الايراني، لضرب التيار الإصلاحي.