أمسكت بجهاز التحكم بالقنوات (الريموت)، وحرصت على متابعة قنواتنا الرسمية وجديدها، والتي غابت عن المشاهدين أو غيبت، أو انها متواجدة ولكننا نحن المواطنين من عزف عن متابعتها، وكل الاحتمالات واردة.. اه نسيت هناك احتمال اخير وهو الاحتمال الارجح ان يكون للقنوات غير الرسمية والمحسوبة علينا بتمويل سعودي هي من سحب البساط من تحت اعمدة كاميرات قنواتنا الرسمية. مع قناة الاخبارية وجدتني ارمي جهاز التحكم جانبا و(تسمرت) امام الشاشة متابعا برنامج (الراصد)، والذي يقدمه المذيع المتألق عبدالله الغنمي، ولم اغير القناة (والله) حتى انتهت الحلقة، تطرقت للحديث حول قنواتنا الرسمية بما فيها القناة الاخبارية وبرامجها مع عدد من الزملاء، اسعدتني ردود افعالهم الايجابية، وهذا دليل على ان البرنامج ومقدمه والقناة استطاعوا ان يقدموا ما يشد المشاهد، ولكن للاسف لم نجد ذلك النجاح قد شد المعلن من رجال اعمالنا! وعلى فكرة هناك برامج اخرى في الاخبارية والقنوات الاخرى كالقنوات الاولى والاقتصادية والثقافية لا تقل جودة عن الراصد. بعد الاخبارية واثناء البحث استوقفني برنامج رياضي يقدمه المذيع (الجنتلمان) بدر الفرهود بزيه السعودي! في احدى قنواتنا الرياضية، وكان ضيف تلك الحلقة الكاتب الصحفي في جريدة الرياض الاستاذ عبدالله الكعيد، شدني ما قاله الاستاذ عبدالله عندما سأله الاستاذ بدر - ما معناه - لماذا لا نجد البرامج الاخرى سواء كانت اقتصادية أو ادبية او سياسية بنفس حيوية وشعبية البرامج الرياضية؟ وكان جوابه اكثر من رائع وقالها بطريقته الجميلة: "انت يا بدر تظلم هذه البرامج"، المشاهد يحب بل يعشق الرياضة وبرامجها، ولذا لابد ان يكون لها جماهيرية، والسؤال لماذا لا تستغل جماهيرية تلك البرامج ونجوم الكرة في إبراز قضايا المجتمع؟ تساؤل محق من رجل حذق!. استمررت في التنقل حتى مررت بقناة الثقافية وشهادتي في هذه القناة مجروحة بحكم استضافتهم لي اكثر من مرة في اكثر من برنامج، سواء مع الاستاذ سعيد اليامي في برنامجه الاسبوعي الخط الابيض، او مع المذيعة المبدعة الاستاذة نهى الناظر في برنامجها الصباحي، كانت آخر حلقة من حلقات الخط الابيض حول الشباب بعنوان "ماذا يريد الشباب وماذا يريد منهم المجتمع". اختيار موفق ونتمنى منكم المزيد يا استاذ سعيد. لكي نكون منصفين، ليس من العدل ان نلوم رجال الاعمال في التقصير في دعم القنوات الرسمية فقط، هناك اسباب وراء العزوف، ولابد من طرحها بطريقة عقلانية لا عاطفية، نحن في زمن نحتاج تطبيق الاحترافية في كل خطوة نخطوها سواء كانت اعلامية، سياسية، أو اقتصادية الخ. ومن حق رجل الاعمال ان يبحث عن الربح عندما يعلن، والاعلانات التجارية احدى الطرق المؤدية للربحية، وكلما كانت القناة اكثر شهرة وشعبية كلما كان للاعلان اثر اكبر في العائدات، فهل قنواتنا تتمتع بجماهيرية؟ وهذا مربط الفرس!.. وكأني برجال الاعمال يقولون: اعطني قناة محلية لها جمهور وشعبية أُعطك اعلاني. قنواتنا رغم الاجتهادات ما زالت تعاني في الوصول للجمهور كما يجب، وأهم تلك المعاناة من وجهة نظر محايدة هي التفرقة في الرقابة، ومقصها واختلاف ارتفاع سقف الحرية بين قنواتنا الرسمية وبين القنوات المحسوبة علينا، وهذا الاجحاف بعينه؛ لأن القناة المحاصرة بسقف منخفض لن تستطيع ان تنافس تلك القنوات ذات السقف العالي.. الحرية هنا لا يعني ان يطلق العنان لقنواتنا المحلية دون رقيب، المقصود ان يكون لقنواتنا الرسمية الاحقية في طرح مواضيعنا الاجتماعية بسقف عقلاني، وهذا بحد ذاته كفيل بجلب المشاهدين وبعدها سنجد المعلنين، والامر بسيط جدا ولا يحتاج الى (فتاكة). الامر الآخر فيما يخص الابداع، لابد من اطلاق الحرية لكل مذيع ومذيعة ان يبدع حتى وان صاحب ذلك الابداع اخفاق هنا او هناك، تذكروا جيدا ان من لا يعمل لا يخطئ.. بصراحة من كثرة الاحترازات والقيود على المذيعين والمذيعات في قنواتنا الرسمية نشعر كمشاهدين وكأنهم في قالب من الصعب الخروج منه، او أنهم مقيدون، وقد اكون مخطئا وهذا مجرد احساس، وعلى فكرة كثرة القيود تعيق الابداع ان لم تقتله.