ظننت أن خبر حظر الهند لعدد من القنوات الفضائية، من بينها قنوات سعودية، هو من قبيل الدعابة، أو النكت والكوميديا السوداء التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وحينما بحثت عن أصل الخبر وجدت أن هناك صحفًا إلكترونية نشرت الخبر فعلاً، وهو يضمّ بالإضافة إلى القنوات السعوديَّة، عددًا من القنوات الباكستانية وقناة نيبالية وأخرى بنجلاديشية، بلغت مجموعها 24 قناة فضائية، ونقلت صحف هندية أن هيئة تنظيم الإعلام تعتزم وضع قوانين صارمة على شركات الكيبل المحليَّة تحظر فيها بث القنوات التي وردت بالقائمة! الغريب أن الأسباب تنوّعت بين الصحف، هناك من ذكرت أن الحظر جاء لأسباب أمنيَّة، وهناك من ذكر بأنها قنوات لا فائدة من مشاهدتها، وهناك من المتابعين من ربط ذلك بأسباب دينية، وغيرها من الأسباب المختلفة. ربما يكون ذلك لهذه الأسباب جميعًا، ولكن المثير فيما بعد الخبر هو تعليقات السعوديين على الخبر، وهم يتنافسون بالقول: إنهَّم حظروا هذه القنوات في بيوتهم منذ سنوات، والبعْض يَرَى أن الأمر مخجلٌ، لأنّ حتَّى الهنود أصبحوا يتذمرون من قنواتنا، وآخرون تعاملوا مع ذلك بأنها قنوات وطنيَّة تمثِّلنا، وتهتم بشؤوننا حتَّى لو كانت ضعيفة ومتواضعة القيمة. كنت أفكر: لماذا القنوات السعوديَّة الرسمية متواضعة قياسًا بالقنوات الفضائية التجاريَّة، وبصرف النَّظر عن هامش الحرِّية بين قناة رسمية وأخرى تجاريَّة، نجد أن المهنية في قنواتنا متردية، فلا تجد برنامجًا مثيرًا ومفيدًا تحرص على مشاهدته، بدءًا من سطحية الإعداد للبرامج والتَّساهل فيها، وحتى استعداد المقدم أو المذيع للحلقة، وقراءته جيّدًا لموضوع الحلقة أو الضيف، لذلك تجده يُؤدِّي وظيفة بمسمى وظيفة مذيع، بمرتبة وظيفية، يحصل بموجبها على راتب في آخر الشهر، بعيدًا عن ايِّمانه بما يقدم، فلا الصحافة ولا الإعلام، ولا الإذاعة والتلفزيون، يمكن أن تتفوق ما لم يكن المعدُّ والمخرج والمذيع، بل وحتى مهندس الديكور والإضاءة، ما لم يكن هؤلاء يعملون بإيمان وعشق، لن يظهر لنا أيّ برنامج متميز، يشد انتباه المشاهد ومتابعته. كثيرًا ما ناقشت الزُّملاء في قناة الإخبارية حينما يطلبون استضافتي، حول العمل الاحترافي في التلفزيون، وأنّهم لا يعملون بحب وإخلاص، فلا الإعداد يتم بدقة ومراجعة، ولا التقديم، ولا حتَّى الإخراج، بل حتَّى أبسط ما تقوم به القنوات التجاريَّة من دعاية وترويج لبرامجها طوال الأسبوع، بواسطة «البرومو»، لا تجده أبدًا في القنوات السعوديَّة. ومن المعروف أن الإعلان والترويج للبرامج ولضيوفها سيلفت الانتباه إلى هذه القنوات، ويزيد من نسب المشاهدة فيها. ولا شكَّ أن إنشاء هيئة خاصة مستقلة للإذاعة والتلفزيون، برئاسة الدكتور عبدالرحمن الهزاع، قد يجعل المطالبة أكبر بانتقال هذه القنوات إلى مرحلة أفضل وأكثر منافسة، ولعل إعادة تنظيمها وهيكلتها، ومراجعة الأجور التي يشتكي منها كثير من المذيعين والمقدمين والمعدين، مما أوجد هجرة مستمرة من القنوات الرسمية إلى القنوات التجاريَّة المنافسة، فهي مسؤوليات كبيرة، لكننا ننتظر ما سيحدث من تطوير قبل أن نقوم نحن، كمشاهدين، بحظر قنواتنا من أجهزة الاستقبال، كما فعل الهنود بنا!.