بعد إحداث ضجة في صناعة المستحضرات الصيدلانية في وقت سابق من هذا العام، من خلال تغريدة عبر تويتر، تعود هيلاري كلينتون لطريق حرب أسعار العقاقير. وركزت كلينتون سابقا على الشركات التي تفرض أسعارا باهظة على الأدوية القديمة التي انتهت مدة احتكارها الحصري للدواء.. لكن تعليقاتها التي أدلت بها في قاعة بلدة نيوهامبشاير قبل بضعة أيام ينبغي أن تسبب القلق لشركات صناعة الأدوية التقليدية أيضا. كما انتقدت كلينتون نظاما يمكن أن يكون فيه العلاج الممتاز لمرض التهاب الكبد الوبائي "ج" رخيصا في مصر، لكنه غير رخيص في بعض الولاياتالأمريكية. ورد فعل السوق كان واهنا، خاصة بالمقارنة مع الضجة التي تسببت فيها كلينتون في سبتمبر. ومؤشر ناسداك للتكنولوجيا الحيوية، الذي انخفض بنسبة 4.4 بالمائة في اليوم الذي أدلت فيه كلينتون بتغريدتها المشؤومة، تراجع بأقل من 1 بالمائة يوم الأربعاء، وربما يتبين أن رد الفعل المذكور هو رد خفيف جدا. لم تذكر كلينتون شركة جلياد للمستحضرات الصيدلانية بالاسم، لكن هذه الشركة كانت الهدف الضمني لملاحظاتها. حيث إنها تعرضت للانتقادات على نطاق واسع حول كيفية تسعيرها لأدوية مرض التهاب الكبد الوبائي القوية (سوفالدي وهارفوني)، وفي الآونة الأخيرة ضمن تحقيقات للكونجرس. والسعر المدرج لكمية من عقار سوفاليد هو 84 ألف دولار، أي حوالي ألف دولار للحبة الواحدة. وتبيع شركة جلياد العقارات بنسبة خصم ضخمة في مصر، مع فرض قيود صارمة على الصادرات الهادفة إلى إبقاء الأسعار مرتفعة في كل الأماكن الأخرى. وفي الولاياتالمتحدة، بإمكان الولايات وشركات التأمين شراء العقار فقط لشريحة من الناس الذين يعانون من المرض.. كثير من شركات التأمين تمنع المرضى من الحصول على الدواء ما لم تكن لديهم إصابة حادة في الكبد. وفي الهند، على النقيض من ذلك، منحت شركة جلياد التراخيص لإحدى عشرة شركة لصناعة الدواء، وهي تتنافس بقوة على الأسعار وعلى علاج أكبر عدد ممكن من الناس. وانخفضت أسهم شركة جلياد بنسبة 1.16 بالمائة فقط يوم الأربعاء، وارتفعت بنسبة 7.73 بالمائة هذا العام و464 بالمائة منذ أن اشترت الشركة فارماسيت، والتي حصلت من خلالها على عقار سوفالدي، الذي يحصل الآن على امتياز 10 مليارات دولار في العام. وقالت كلينتون: "لقد أنتجت الشركة عقارا علاجيا رائعا منقذا للحياة كان لنا الفضل فيه، وهم على استعداد لبيعه بسعر رخيص فعلا تقريبا في أي مكان آخر وليس هنا.. نحن لن نسمح باستمرار حدوث هذا.. (إن العبارة المقتبسة من حديث كلينتون "كان لدينا الفضل فيه" من المفترض أنها تشير إلى حقيقة أن المعاهد الوطنية للصحة ساعدت في تمويل البحوث التي أدت إلى اكتشاف هذا الدواء). إن إعلان كلينتون أن هذا التفاوت في التسعير لا يمكنه الاستمرار، في حين أنه يلقى القبول لدى الناس بالنظر إلى الظروف الحالية، ربما ينطوي على أمور كبيرة. في الوقت الراهن، تشمل خطتها الهادفة إلى كبح جماح أسعار الأدوية وضع سقف أقل على التكاليف الخاصة، وبرامج لاستيراد الأدوية من الخارج، وتمكين مؤسسة ميديكير من التفاوض مع شركات صناعة الأدوية.. الحصول على تساو في مستويات الأسعار لأدوية مثل سوفالدي في كل أنحاء العالم قد يتطلب كل هذه التدابير وربما المزيد، حتى يصل إلى وضع ضوابط على الأسعار بصورة أو بأخرى. وهذا قد يجعل كلينتون أقرب إلى موقفها الذي كانت عليه في التسعينيات، عندما بذلت جهودا لأن تكون التكلفة جزءا من قرارات إدارة الأغذية والعقاقير في الموافقة على الأدوية. وقد تعيد تعليقات كلينتون إحياء المخاوف التي أثارت فزع المستثمرين في الخريف - بأنها قد تنظم حملة جزئيا حول تسعير الأدوية، وإذا تم انتخابها، ستجعل أولوية للسياسات التي كانت الصناعة تحاربها وتعترض عليها منذ سنوات. وأسقط الكونجرس مثل هذه المقترحات منذ زمن طويل.. لكن هنالك موجة متزايدة من الاستياء العام حول تسعير الأدوية.. والمستهلكون الأمريكيون هم في الغالب بمعزل عن تكاليف الأدوية - حيث إن 44.8 مليار دولار فقط من أصل حوالي 300 مليار دولار أنفقت على الأدوية الموصوفة في الولاياتالمتحدة في عام 2014 تم دفع ثمنها من الجيب الخاص للمواطن - لكن هذا الإنفاق في ازدياد. المخادعون في الأسعار أمثال مارتن شكريلي يشكلون أهدافا أسهل من جلياد، التي تكتشف بالفعل أدوية جديدة وتجلبها إلى السوق.. لكن حقيقة أن كلينتون تحاول التدخل في مشكلة مستعصية ينبغي أن يثير مخاوف الصناعة بأكملها.