لا يلوح في الأفق ما يؤكد التزام الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح بالهدنة المعلنة لايقاف إطلاق النار، ولا يلوح في الوقت ذاته أنهم قد يلتزمون بأي اتفاق يتمخض عن اجتماعات سويسرا الحالية؛ لايجاد مخرج مأمون، ينهي الصراع الدائر في اليمن، ويعيد إلى هذا القطر العربي أمنه واستقراره، ويعيد الشرعية إليه من جديد بعد محاولات تلك الميليشيات والقوات القفز عليها ورفضها. وعدم الالتزام يظهر بوضوح من خلال ممارسات طائشة ترتكبها تلك الميليشيات والقوات المتمردة على الشرعية، فقد رصدت قيادة التحالف صاروخين بالستيين تم إطلاقهما من الأراضي اليمنية باتجاه المملكة، تم اعتراضهما واسقاطهما. وهذا يعني أن حرص المملكة الشديد على انجاح مفاوضات جنيف ودعم مساعي الحكومة الشرعية لايجاد حل سلمي للقضية اليمنية، لا يعني التزامها بالهدنة في ظل تهديد أراضيها من قبل الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح. من جانب آخر، فإن ما يتضح بجلاء أن تلك الميليشيات والقوات المتمردة تسعى لتهديد أمن واستقرار المنطقة، وإملاء شروطها التعسفية العدوانية على إرادة المجتمع الدولي، فكل أفعالهم تدل دلالة أكيدة على عدم جديتهم في التقيد بأي هدنة من الهدن السابقة، ولا بالهدنة الحالية لانجاح المفاوضات، وهذا يعني أنهم ساعون لإشعال الأزمة وليست لديهم الجدية في الوصول إلى حل سلمي ينهي صراعهم مع الشرعية اليمنية. ورغم هزائم تلك الميليشيات والقوات المتمردة على أرض المعركة، حيث انسحبوا مؤخرا من عاصمة الجوف، واعترفوا بخسارة مواقعهم الإستراتيجية فيها، إلا أنهم رغم ذلك ما زالوا يركبون رؤوسهم ويعترضون على أي اتفاق يطرح للنقاش في محادثات سويسرا. وما زالوا يعترضون على أي قرار دولي إنساني ملزم مثل: قرار فتح الممرات لايصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في تعز، حيث قوبل هذا القرار باعتراض المتمردين وحال دون وصول تلك المساعدات لمستحقيها. وما زالت الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح مستمرة في خروقاتها للهدنة على مختلف الجبهات، بل إن الخرق تم من اللحظات الأولى لإعلان الهدنة الأخيرة قبيل محادثات سويسرا، بما يدل على أن تلك الميليشيات والقوات المتمردة سوف تمارس المزيد من العراقيل والعقبات في وجه أي عملية سلمية تؤدي إلى إحلال السلام في اليمن، وقد تفسر هذه الممارسة على أنها إشارة واضحة على فشل محادثات جنيف الحالية. وخرق الهدنة الأخيرة من قبل تلك الميليشيات والقوات المتمردة ومنع ادخال المساعدات الإنسانية للمتضررين في تعز، ومحاولة اغتيال محافظ شبوة، واعتراضها على نقاط المصالحة المطروحة في محادثات جنيف الحالية، واستمرارها في شن اعتداءاتها الآثمة على المملكة، وافتعال الخلاف بينها وبين قوات المخلوع صالح حول طاولة المفاوضات؛ تشير بما لا يقبل الشك إلى أنها مع قوات المخلوع لا يريدون الوصول لأي حل سلمي ينهي الأزمة القائمة في اليمن. وإزاء ذلك فإن المجتمع الدولي مطالب اليوم لوقف تجاوزات وخروقات الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح المتمردة بالعمل على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، فهو القرار الصائب الكفيل بإعادة الأمن والاستقرار لليمن، وكفيل بإنهاء تسلط تلك الميليشيات والقوات على إرادة الشعب اليمني، وكفيل بتعزيز الشرعية اليمنية المنتخبة من قبل اليمنيين بالاجماع، ولا سبيل للخلاص من تسلط أولئك المتمردين إلا بتطبيق هذا القرار الأممي الملزم.