قد يتبادر إلى الأذهان أن "فريق سفاري الأحساء" هم مجموعة من الشباب الهواة الذين يمارسون هواية "الطلعات" البرية بواسطة دراجاتهم النارية الفارهة، حيث يجوبون بها الشوارع والطرقات البرية، ليعرضوا أنفسهم وغيرهم لمخاطر المغامرات غير المأمونة. لكن هذ الفريق في حقيقته غير ذلك، فهذا الفريق يضم مجموعة من الشباب الجادين في إصرارهم على خدمة مجتمعهم سواء بالعمل التطوعي في بعض المناسبات، أو بالعمل الجاد والمبني على تقديم خدمات نوعية في إطار الخدمات العامة، واستثمار الوقت فيما يحقق الفائدة والمتعة لهم ولغيرهم، من عشاق السياحة البرية. وقد قدر لي أن أشارك في واحدة من رحلات هذا الفريق الجماعية، إلى بحيرة الأصفر التي تعزلها عن القرى المجاورة بحار من الرمال و "الطعوس" التي لا يمكن اجتيازها بسهولة. ارتبطت كلمة "سفاري" برحلات الصيد البري في أفريقيا، حيث تنتشر السفوح والمرتفعات الزاخرة بأنواع شتى من الطيور والحيوانات التي تعرضت للإبادة الجماعية على يد هواة الصيد الجائر، ثم ارتبطت الكلمة بنوع من السيارات لأحد مصانع السيارات اليابانية، ولم تلبث هذه الكلمة أن استخدمت كمسمى لبعض وكالات السفر والسياحة، أو المؤسسات ذات العلاقة بالرحلات البرية، من هنا تم اختيار "سفاري" لفريق من شباب الأحساء مكون من حوالي 80 عضوا اختاروا الرحلات البرية مجالا لناشطهم، عندما أسسوا "فريق سفاري الأحساء" عام 2011م ومنذ ذلك التاريخ، نجح هذا الفريق بجدارة في تنظيم العديد من الرحلات الفردية والجماعية والعائلية ولمختلف فئات المجتمع، ومنهم الطلبة والشباب والشيوخ ورجال الأعمال و"الجروبات" المتآلفة، من أبناء الأحساء وزوارها من الداخل والخارج، حيث وفر لهم هذا الفريق فرصة التعرف على البيئة البرية في الأحساء وبعض المواقع الطبيعية والأثرية فيها مثل: بحيرة الأصفر، وجبل القارة، وجبل الأربع، وشاطئ العقير، وحزم الفناجيل، وبعض المتاحف والآثار، وغيرها، بواسطة (أسطول من سيارات الدفع الرباعي مكون من 60 سيارة، تم تأهليها لخوض غمار الرمال القاسية، وتحدي التلال الرملية العاتية، بقيادة سائقين محترفين من ذوي الخبرة والمهارة العالية، ويهتم الفريق بالترويج للسياحة البيئية وأهميتها من خلال تنظيم رحلات السفاري في صحاري الأحساء الساحرة، كما يسعى الفريق لاستثمار السياحة البيئية والتعريف بها لتكون جزءا من عجلة التنمية الاقتصادية لمملكتنا الحبيبة). وخلال السنوات القليلة من عمره، استطاع الفريق أن يكسب سمعة طيبة، وأن يحظى بعناية إعلامية هو جدير بها، وكل من اشترك في إحدى رحلات "فريق سفاري الأحساء" استطاع الخروج بانطباع جيد عن التنظيم الدقيق والمتابعة الدائمة من قبل أعضاء الفريق، لتوفير الراحة لكل من تتاح له فرصة هذه السياحة البرية الممتعة، بما فيها الاستجمام على شاطئ بحيرة الأصفر والتمتع بمناظرها الخلابة، أو "التطعيس" في التلال الرملية المرتفعة، أو التمتع بأجواء جبل القارة العجيبة ببرودتها الصيفية، ودفئها الشتوي، أو التريض في ساحل العقير، والاستمتاع بأجوائه الساحرة، والتعرف على آثاره القديمة، انطلاقا من مخيم الفريق شرق الدائري الممتد من العيون وحتى الجشة، ثم دول الخليج. هذا الجهد السياحي الفريد من نوعه في بلادنا، حري بأن تحذو بعص مدننا حذوه لتأصيل ثقافة السياحة البيئية، حيث إن بلادنا لا تزال بك را في مجال السياحة، وبمثل هذا الجهد يمكن توسيع دائرة السياحة الاستطلاعية التي يستفيد منها هواة السياحة، والراغبون في التعرف على معالم جديدة في هذا الوطن العزيز، كما أن هذا الفريق جدير باهتمام الجهات الرسمية المختصة، ليعمل تحت مظلتها، مثل: أمانة الأحساء، أو الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وإن كان هذا النشاط من الأنشطة السياحية الجديدة، فإنه لن يلبث أن تتوسع دائرة الاهتمام به، ليحظى بتشجيع ودعم رجال الأعمال، كما أنه أيضا مجال استثماري قابل لأن يحقق الكثير من النجاحات، كغيرة من المشاريع التي تبدأ صغيرة ثم تنمو لتواصل مسيرتها في طريق النجاح، ما دامت قد قامت على أيدي أبناء هذا الوطن، وتصميمهم على النجاح، ومواصلة هذا الجهد الوطني السياحي المميز.