تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنموية، عقدت ورشة عمل بعنوان (برنامج التحول الوطني)، وهذه الورشة تدرس رؤية المملكة التنموية خلال الخمس السنوات القادمة. إن أهم عوامل النمو المتكامل والدائم الذي ركزت عليه المملكة منذ إقرار الخطط الخمسية قبل أربعين سنة هو تنويع الاقتصاد وتطوير الموارد المحلية والاكتفاء الذاتي والتقليل من الاعتماد على البترول، هذا المورد الناضب الذي يشكل حوالي 90 % من دخل الدولة، ولذلك كانت اولى أفكار الخطط الخمسية تقليل الاعتماد على النفط. ولكن وعلى الرغم من تحقيق الخطط الخمسية لبعض الأهداف إلا أنها كانت أقل من الطموح، وطبعا يرجع ذلك لعدة عوامل قد تكون خارجة عن الإرادة بسبب الظروف السياسية التي مرت على الشرق الأوسط من حروب وأزمات أربكت كثيرا من الخطط التنموية الطموحة، إلا ان ذلك العامل ليس العامل الوحيد الذي أخر تحقيق الأهداف الموضوعة في الخطط الخمسية الماضية فما زال كثير من المشاكل التي يعاني منها المواطن لم تحل، فالتعليم الذي هو أساس تطور الأمم مازال يعاني من عدم وضوح الرؤية في المنهجية، وذلك راجع لأن الهوية الاقتصادية غير واضحة. فهل سنتحول إلى بلد صناعي فتتحول مدارسنا ومناهجنا وتعليمنا إلى تعليم مهني وتقني، أم أن اقتصادنا اقتصاد خدمي فنهتم بالعلوم الإنسانية، أم أن اقتصادنا اقتصاد معرفي فنركز على التكنولوجيا. فلذلك فاننا نرى كل وزير تعليم يأتي يحتار ما هو المنهج الذي سينتهجه في مدارسنا. ولذلك تكون مخرجات التعليم عديمة الهوية. أما الصحة فلا أحد يشك بالتطور والنقلة النوعية بهذا القطاع، إلا ان المراقب يلاحظ ان التطور لا يسير بانتظام فهو يتوقف احيانا وينطلق في أحيان اخرى، أي انه لا توجد خطط ثابتة في التوسع بالخدمات الطبية وتقديم الرعاية الطبية اللازمة للمواطنين في كافة محافظات السعودية. فنلاحظ انه من نتائج الخطط القديمة عدم التساوي والتوازي في توزيع المستشفيات والرعاية الطبية بين المحافظات. ولهذا أصبح عندنا الآن عجز كبير في بعض المستشفيات المتخصصة وبعض التخصصات الطبية. أما في ميدان الصناعة فقد تم التوسع في المصانع البتروكيمكال والمواد الأساسية، إلا ان الصناعات النهائية وما يخدم الناس يعتبر غير موجود. فإلى الآن لم نستطع صناعة سيارة، علما باننا نستورد سنويا ما يقارب مليون سيارة، وهذا يدل على أن سوق مبيعات السيارات في المملكة يعتبر عاليا ومجديا لوجود مصانع سواء ماركات محلية أو مصانع سيارات أجنبية تنتج سياراتها داخل المملكة العربية السعودية، كما تفعل كثير من الدول في جلب المصانع المشهورة مثل تويوتا وجي ام سي وغيرها من المصانع المشهورة داخل البلد، لما لذلك من تأثير ايجابي على اقتصاد البلد، ويقاس على ذلك باقي المصانع الاستهلاكية مثل الأجهزة الإلكترونية التي تتميز بها دول شرق آسيا التي تعتبر أقل منا إمكانية. إن استقطاب مصانع عالمية وانتشار مصانع محلية تنتج سلعا نهائية شيء مهم للاقتصاد ومصلحة البلد، اما اذا تحدثنا عن الطاقة فقد حذر كثير من الدراسات بان الاستخدام المفرط للبترول في أسواقنا سيجعل المملكة تستهلك جميع انتاجها من البترول ولن تستطيع التصدير، وفي نفس الوقت تعتبر مصادر الطاقة البديلة لدينا متوافرة ولكن الى الآن لم نبدأ في إنشاء المحطات والمولدات سواء من الطاقة الشمسية المتوافرة أو حتى الرياح والطاقة النووية التي أصبحت تعتمد عليها كثير من الدول النامية. إن ما يميز هذه الورشة ويبعث على التفاؤل هو طريقة التفكير، فقد كان أبناء البلد من وزراء ومسئولين ومفكرين هم من قاموا بعملية العصف الذهني لخلق الحلول ووضع الخطط. وفي النهاية سننتظر ماذا ينتج عن تلك الورش وستكون الأجيال هي الحكم على تلك الخطط.